منتديات احلى صديـــقات
آهلآ وسهـلآ بيكـي معآنا في منتدى >>>>أحلى صديقات<<<<

نورتينــآ ونتمنى منكـ انك تسجلي لآنك أكيد هتستفيدي

إذا عجبك المنتدى إضغطـي تسجــــــيل وإذا كنتي عضوة هنآ اضغطي دخول

ولو مضايقك هذا العرض اضغطي اخفاء ويمكنك الاستفادة من موآضيعنا
منتديات احلى صديـــقات
آهلآ وسهـلآ بيكـي معآنا في منتدى >>>>أحلى صديقات<<<<

نورتينــآ ونتمنى منكـ انك تسجلي لآنك أكيد هتستفيدي

إذا عجبك المنتدى إضغطـي تسجــــــيل وإذا كنتي عضوة هنآ اضغطي دخول

ولو مضايقك هذا العرض اضغطي اخفاء ويمكنك الاستفادة من موآضيعنا
منتديات احلى صديـــقات
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات احلى صديـــقات

هلآ وغلآ زائر في منتدي احلي صديقآت
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الاسلالالالام والفن

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:15 am

size="4"][color="Red"][font="Palatino Linotype"]معلش يا جماعة الموضوع طوييييييييييييل بس هو اصلا اساسا منقول بس ان شاء الله تستفادو منو

تأليف الدكتور يوسف القرضاوي
مقدمة
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ،وعلى اله وصحبه من اتبع هداه .
أما بعد . . .



فقد قلت في كتابي « بينات الحل الإسلامي »: لعل« الفن » هو أكثر ما يشغب به على دعاة « الحل الإسلامي » فهم يقولون: إنكم تدعون إلى حياة تحرم فيها البسمة على كل فم ، والبهجة على أي قلب ، و الزينة في أي موقع ، والإحساس بالجمال في أي صورة .

وأحب أن أقول : إن هذا الكلام لا أساس له من دين الله . وإذا كان روح الفن هو شعور بالجمال ، والتعبير عنه ، فالإسلام أعظم دين – أو مذهب – غرس حب الجمال والشعور به في أعماق كل مسلم .

وقاري ء القرآن يلمس هذه الحقيقة بوضوح وجلاء وتوكيد ، فهو يريد من المؤمنين أن ينظر إلى الجمال مبثوثاً في الكون كله، في لوحات ربانية رائعة الحسن ، أبدعتها يد الخالق المصور ، الذي أحسن خلق كل شيء ، وأتقن تصوير كل شيء : (الَذِي أََحُسَنَ كلَ شَيُءٍ خَلَقَه,‘ )[1] ، ( مَّا تَرَى فِي خَلُقِ الُرَحُمَن مِن تَفَوتُ)[2] ، ( صنُع اللَهِ الَذِي أََتُقَنَ كُلَ شَيُ ء )[3] .

ثم نري القرآن الكريم يلفت الأنظار ، وينبه العقول والقلوب ، إلي الجمال الخاص لأجزاء الكون ومفرداته . .

إن القرآن بهذا كله ، وبغيره ، يريد أن يوقظ الحس الإنساني ، حتى‌ يشعر بالجمال الذي أودعه الله فينا وفي الطبيعة من فوتنا ، ومن تحتنا ، ومن حولنا . و أن نملأ عيوننا وقلوبنا من هذه البهجة ، وهذا الحُسن المبثوث في الكون كله .
وبعض الحضارات تغفل هذا الجانب و توجه أكبر همها إلى محاولات الإنسان إلى‌ نقل جمال الطبيعة على حجر أو ورق ، أو غير ذلك ، فهو يرى السماء أو البحر أو الجبل ، أو الأنعام ،ولا يلتفت إلي فيها من سر الجمال الإلهي ، و إنما يلتفت إليها حين تنفل إلي لوحة ، أو صورة مشكلة ، فليت شعري أيهما أهم وأقوي تأثيراً في النفس البشرية : الأصل الطبيعي أم الصورة المقلدة ؟

إن الإسلام يحيي الشعور بالجمال ، ويؤيد الفن الجميل ، ولكن بشروط معينة ، بحيث يصلح ولا يفسد ، ويبني ولا يهدم .
وقد أحيا الإسلام ألواناً من الفنون ، ازدهرت في حضارته وتميزت بها عن الحضارات الأخرى مثل فن الخط والزخرفة والنقوش : في المساجد ، والمنازل ، والسيوف ، والأواني النحاسية والخشبية والخزفية وغيرها .

كما اهتم بالفنون الأدبية التي نبغ فيها العرب من قديم ، وأضافوا إليها ما تعلموه من الأمم الأخرى ، وجاء القرآن يمثل قمة الفن الأدبي ، وقراءة القرآن وسماعه عند من عقل وتأمل إنما هما غذاء للوجدان والروح لا يعدله ولا يدانيه غذاء ، وليس هذا لمضمونه ومحتواه فقط ، بل لطريقة أدائه أيضاً ، وما يصحبها من ترتيل وتجويد وتحبير تستمتع به الآذان ، وتطرب له القلوب ، وخصوصاً إذا تلاه قاري ء حسن الصوت ، ولهذا قال النبي ( صلي الله عليه وسلم ) لأبي موسى : «لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود »[4]

ولا مرا ء في أن موضوع «الفن » موضوع في غاية الخطر والأهمية ، لأنه يتصل بوجدان الشعوب و مشاعرها ، و يعمل على تكوين ميولها و أذواقها ، واتجاهاتها النفسية ، بأدواته المتنوعة والمؤثرة ، مما يسمع أو يقرأ ، أو يرى أو يحس أو يتأمل .

ولا مراء في أن الفن كالعم ، يمكن أن يستخدم في الخير والبناء ، أو في الشر و الهدم ، و هنا خطورة تأثيره .

ولأن الفن وسيلة إلى مقصد ، فحكمه حكم مقصده ، فإن استخدم في حلال فهو حلال ، و إن استخدم في حرام فهو حرام .

وقد عرضت لموضوع « الفن » وموقف الإسلام منه ، في أكثر من كتاب لي ، عرضت له في كتابي « الحلال والحرام في الإسلام » في فضل « اللهو والترفيه في حياة المسلم » ، وفي الحديث عن الصور والتصوير ، وفي مواضع أخرى .

وعرضت له في كتابي « فتاوى معاصرة » في جزئه الأول ، وجزئه الثاني ، في فتاوى متعددة حول التصوير والغناء ، بآلة وبغير آلة ، و الدين و الضحك ، و اللعب و الشطرنج ، و غيرها .

وعرضت بتفصيل أو في هذا البحث الذي يتناول « الفنون » بأنواعها المتخلفة ، المسموع منها والمشاهد ، وألوان اللهو واللعب ما يضحك وما يبكي ، وذلك باعتباره ملمحاً بارزاً من « ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده » . وفصل الفن واللهو فصل أساسي من كتابنا هذا عن ملامح المجتمع .

وقد قرأ بعض الإخوة من الدعاة وأهل العلم والفكر هذا البحث ، أو هذا الفصل ، فوجدوه وافياً في موضوعه ، مقنعا في أدلته ، أصيلاً في نظرته، معاصراً بواقعيته ، فطلبوا إلي أن أفرده بالنشر ، ليعم النفع به ، فقد لا يلتفت الناس إليه وهو جزء‌ من كتاب كبير ، وقد يتعسر على بعض الناس شراؤه .

فلم أجد بداً من الاستجابة لهم ، راجيا أن ينفع الله بهذا البحث كل من قرأه ، وأن يجزي خيراً كل من شهره ونشره .

وآخر دعوانا أن الحمد الله رب العالمين .

القاهرة : ربيع الأول 1416هـ

أغسطس ( آب ) 1995 م .

د . يوسف القرضاوي

* * *

اللهو والفنون

غياب الحقيقة بين الغلو والتفريط :

لعل أغمض الموضوعات وأعقدها فيما يتعلق بالمجتمع المسلم :‌ اللهو والفنون .

وذلك أن أكثر الناس وقعوا في هذا الأمر بين طرفي الغلو والتفريط . نظراً لأنه أمر يتصل بالشعور والوجدان ، أكثر مما يتصل بالعقل والفكر ، وما كان شأنه كذلك فهو أكثر قبولا للتطرف والإسراف من ناحية ، في مقابلة التشدد والتزمت من ناحية أخري .

فهناك من يتصورون المجتمع الإسلامي مجتمع عبادة ونسك ، ومجتمع جد وعمل ، فلا مجال فيه لمن ويلعب ، أو يضحك ويمرح ، أو يغني ويطرب . لا يجوز لشفة فيه أن تبتسم ، ولا لسن أن تضحك ، ولا لقلب أن يفرح ، ولا لبهجة أن ترتسم على وجوه الناس ! !

وربما ساعدهم على ذلك سلوك بعض المتدينين ، الذين لا ترى أحدهم إلا عابس الوجه ، مقطب الجبين ، كاشر الناب ، وذلك لأنه إنسان يائس أو فاشل أو مريض بالعقد والالتواءات النفسية ، ولكنه برر ذلك السلوك المعيب باسم الدين ، أي أنه فرض طبيعته المنقبضة المتوجسة على الدين ، والدين لا ذنب له ، إلا سوء فهم هؤلاء له ، وأخذهم ببعض نصوصه دون بعض .

وقد يجوز لهؤلاء أن يشددوا على أنفسهم إذا اقتنعوا بذلك ، ولكن الخطر هنا : أن يعمموا هذا التشديد على المجتمع كله ، ويلزموه برأي رأوه ، في أم عمت به البلوى ، ويمس حياة الناس كافة .

وعلى العكس من هؤلاء : الذين أطلقوا العنان لشهوات أنفسهم ، فجعلوا الحياة كلها لهوا ولعبا ، وأذابوا الحواجز بين المشروع والممنوع . . . بين المفروض والمرفوض . . . بين الحلال والحرام .

فتراهم يدعون إلي الانحلال ، ويروجون الإباحية ، ويشيعون الفواحش ما ظهر منها وما بطن باسم الفن ، أو الترويح ، و نسوا أن العبرة بالمسميات والمضامين ، لا بالأسماء والعناوين . والأمور بمقاصدها .

لهذا كان لا بد من نظرة منصفة إلي الموضوع – بعيداً عن إفراط هؤلاء ، وتفريط أولئك – في ضوء النصوص الصحيحة الثبوت ، الصريحة الدلالة ، وفي ضوء مقاصد الشريعة وقواعد الفقه المقررة كذلك .

ولا أستطيع في هذا المجال التفضيل ، فقد كتبت في مفردات الموضوع في أكثر من كتاب لي . وخصوصا في « الحلال والحرام في الإسلام » ، و ((‌ فتاوى معاصرة )) الجزء الأول والجزء الثاني . . وعلى الأخص الثاني .

* *

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:16 am

واقعية‌ الإسلام في التعامل مع الإنسان كله :

والخلاصة التي أود أن أذكرها هنا تتمثل في هذه المباديء أو الحقائق :

إن الإسلام دين واقعي ، فهو يتعامل مع الإنسان كله : جسمه وروحه ، وعقله ووجدانه ، ويطالبه أن يغذيها جميعا ، بما يشبع حاجتها ، في حدود الاعتدال ، الذي هو صفة (( عباد الرحمن )) : ( وَ اُلَذِينَ إِذَا أَنفَقواُ لَمُ يقُترواُ وَ كاَنَ بَيُنَ ذَلِكَ قَوَاَمَا (67)[5] ، وليس هذا خلقهم في أمر المال فقط ، بل هو خلق أساسي عام في كل الأمور ، هو المنهج الوَسَط للأمة الوسَطَ .

وإذا كانت الرياضة تغذى الجسم ، والعبادة تغذى الروح ، و العلم يغذى العقل ، فإن الفن يغذى الوجدان .

ونريد بالفن : النوع الراقي الذي يسمو بالإنسان ، لا الذي يهبط به .

* * *

القرآن ينبه على عنصري المنفعة والجمال في الكون :

وإذا كانت روح الفن هي الإحساس بالجمال وتذوقه ، فهذا ما عني القرآن بالتنبيه وتأكيده في أكثر من موضع .

فهو يلفت النظر بقوة إلي عنصر (( للحسن )) أو (( الجمال )) الذي أودعه الله في كل ما خلق ، إلي جوار عنصر (( النفع )) أو (( الفائدة ))‌فيها .

كما أنه شرع للإنسان الاستمتاع بالجمال أو «الزينة » مع المنفعة‌ أيضاً .

يقول الله تعالي في معرض الامتنان بالأنعام : (وَ الأَنُعَمَ خَلَقَها لَكمُ فِيهَا دِفُ ء“ وَمَنَفِع وَ مِنُهَا تَأُكلونَ (5)[6] ، و في هذا تنبيه على جانب المنفعة والفائدة ، ثم يقول : ( وَ لَكمُ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ ترِيحونَ وَ حِينَ تَسُرَحونَ (6) [7] ، فهذا تنبيه على جانب الجمالي ، حيث يلفتنا إلى هذه اللَوحة الربانية الرائعة‌، التي لم ترسمها يد فنان مخلوق ، بل رسمتها يد الخالق سبحانه .

و في نفس السياق يقول سبحانه : ( وَ الُخَيُلَ وَ الُبِغَالَ وَ الُحَمِيرَ لِتَرُ كَبوها وَزِينَة ) ج [8] فالركوب يحقق منفعة مادية مؤكدة ، أما الزينة فهي متعة جمالية فنية ، بها يتحقق الكامل للوفاء بحاجات الإنسان ، كل الإنسان .

و في هذا السياق من نفس السورة امتن الله تعالي بتسخير البحر فقال : ( وَ هوَ الَذِي سَخَرَ الُبَحُرَ لِتَأُكلواُ مِنُه لَحُمَاَ طَرِيَاَ وَ تَسُتَخُرِجواُ مِنُه حِلُيَةَ تَلُبَسونَهَا )[9] ، فلم يقصر فائدة‌ البحر على العنصر المادي المتمثل في اللحم الطري الذي يؤكل ، فينتفع به الجسم ، بل ضم إليه الحلية التي تلبس للزينة ، فتستمتع بها العين والنفس .

وهذا التوجيه القرآني تكرر في أكثر من مجال ، ومن ذلك : مجال النبات والزرع والنخيل والأعناب والزيتون والرمان متشابهاً وغير متشابه ، يقول تعالى في موضع من سورة الأنعام : ( كلواُ مِن ثَمَرِهِ إذا أَثُمَرَ وَ ءَ تواُ حَقَه, يَوُمَ حَصَادِهِ وَ َلا تسُرِ فواُ ج )[10]

و في موضع آخر من نفس السورة يقول بعد ذكر الزرع و جنات النخيل والعنب ( انظرواُ إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثُمَرَ وَيَنُعِهِ ج إِنَ فِي ذَلِكمُ َلايَتِ لِقَوُمَ يؤُمِنونَ (99) )[11]

فكما أن الجسم في حاجة إلي الاستمتاع بالنظر إلي ثمره إذا أثمر ينعه . و بهذا يرتفع الإنسان أن يكون همه الأول أو الأوحد هو هم البطن !
و مثل ذلك قوله تعالي : ( يَبَنِي ءَ آدَمَ خذواُ زِينَتَكمُ عِندَ كلِ مَسُجِدِ وَ كلواُ وََلا تسُرِفواُ ج إِنَه, َلا يحِب الُمسُرِفِينَ (31) قلُ مَنُ حَرَمَ زِينَةَ‌ اللَهِ الَتِي أَخُرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَيِبَاتِ مِنَ الرِزُقِ ج)[12] ؟ .

فأخذ الزينة‌ لجاجة‌‌ الوجدان ، والأكل و الشرب لحاجة الجثمان ، و كلا هما مطلوب .

و كذلك نجد الاستفهام الإنكاري في الآية الثانية‌ ينصب علي أمرين : تحريم (الطَيِباَتِ مِنَ الرِزُقِ ج) و ( زِينَةَ اللهِ ) ، تجسد عنصر الجمال الذي هيأه الله لعباده ‌، بجوار عنصر المنفعة‌ الذي يتمثل في ( الطَيِبَاتِ ِمنَ الرِزُقِ ج ) .. و تأمل هذه الإضافة‌ كلمة « زينة » - إلي لفظ الجلالة : ( زِينَةَ اللَهِ ) ففيها تشريف لهذه الزينة و تنويه بها .

و في هذا السياق جاء قبل هاتين الآيتين قوله تعالي في شأن اللباس : ( يَبَنِي ءَ آدَمَ قَدُ أَنزَلُنَا عَلَيُكمُ لِبَاسَاَ يوَارِي سَوُءَتِكمُ وَريشَاَ ج وَ لِبَاس‘ التَقُوَى ذَلِكَ خَيُر“ ج )[13] ، فقد جعلت الآية اللباس – الذي امتن الله تعالي بإنزاله – أنواعاً ، و إن شئت قلت : جعلت له مقاصد و مهمات: مقصد «الستر» المعبر عنه بقوله : ( يوَارِي سَوُءَتِكمُ ) ، و مقصد «التجمل والزينة‌ » المعبر عنه بقوله :‌ (وَرِيشَاَ ( 26 ) ) و مقصد «الوقاية» من الحر والبرد ، المعبر عنه بقوله : (وَلِبَاس التَقُوَى ) .

* * *

المؤمن عميق الإحساس بالجمال في الكون و الحياة والإنسان :

إن المتجول في رياض القرآن يري بوضوح :‌ أنه يريد أن يغرس في عقل كل مؤمن و قلبه الشعور بالجمال المبثوث في أجزاء الكون من فوقه و من تحته و من حوله : في السماء‌ ، و الأرض ، و النبات ، و الحيوان ، والإنسان .

في جمال السماء يقرأ قوله تعالي : ( أَفَلَمُ يَنظرواُ إِلَى السَمَاءِ فَوُقَهمُ كَيُفَ بَنَيُنَهَا وَ مَا لَهَا مِن فروِجِ (6) )[14].

(وَلَقَدُ جَعَلُنَا فِي السَمَاءِ بروجَاَ وَزَيَنَهَا لِلنَاظِرِينَ (16) )[15].

وفي جمال الأرض و نباتها يقرأ : ( وَالُأَرُضَ مَدَدُنَهَا وَأَلُقَيُنَا فِيهَا رَوَسِيَ وَأَنبَتُنَا فِيهَا مِن كلِ زَوُجِ بَهِيِجِ (7) )[16].

(وَأَنزَلَ لَكم مِنَ السَمَاءِ مَاءَ فَأَنبَتُنَا بِه حَدَائِقَ ذَاتَ بَهُجَةِ )[17] .

و في جمال الحيوان يقرأ ما ذكر ناه قبل عن الأنعام : ( وَ لَكمُ فِيهَا جَمَال‏‏ حِينَ ترِيحونَ وَ حِينَ تَسرَحونَ (6) ) [18] .

و في جمال الإنسان يقرأ: (وَ صَوَرَكمُ فَأَحُسَنَ صوَرَكمُ )[19]، (الَذِي خَلَقَكَ فَسَوَك فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِ صوَرَةِ مَا شَاءَ رَكَبَكَ (Cool ) ([20].

إن المؤمن يري يد الله المبدعة في كل ما يشاهده في هذا الكون البديع ،و يبصر جمال الله في جمال ما خلق و صور ، يري فيه ( صنُعَ اللَهِ الَذِي أَتُقَنَ كلَ شَيُءٍ ج ) [21]، ( الَذِي أَحُسَنَ كلَ شَيُءٍ‌ خَلَقَه, ) ([22])

و بهذا يحب المؤمن الجمال في كل مظاهر الوجود من حوله ؛ لأنه أثر جمال الله جل و علا .

و هو يحب الجمال كذلك ؛ لأن «الجميل» اسم من أسمائه تعالي الحسنى و صفة من صفاته العلا .

و هو يحب الجمال أيضاً ، لأن ربه فهو جميل يحب الجمال .

* * *

إن الله جميل يحب الجمال :

و هذا ما علمه النبي (صلي الله عليه و آل وسلم ) لأصحابه ، وقد توهم بعضهم أن الولع بالجمال ينافي الإيمان ، أو يدخل صاحبه في دائرة‌ الكبر المقيت عند الله ئ عند الناس .

روي ابن مسعود أن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ‌) قال : «لا يدخل الجنة‌ مَن كان في قلبه مثقالَ ذَرَة ن كِبُر » ، فقال رجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ، و نعله حسنة‌ . قال : «إن الله جميل يحب الجمال ، الكِبُر بطر الحق و غمط الناس» ([23]) .



* * *

القرآن معجزة جمالية :

و القرآن الكريم آية الإسلام الكبرى ، و معجزة‌ الرسول العظمي : يعتبر معجزة جمالية ، إضافة إلى أنه معجزة عقيلة ، فقد أعجز العرب بجمال بيانه ، وروعة نظمه و أسلوبه ، و تفرد لحنه و موسيقاه ، حتى سماه بعضهم : سحراً .

و قد بين علماء البلاغة‌ و أباء العربية وجه الإعجاز البياني أو الجمالي في هذا الكتاب ، منذ عبد القاهر إلى الرافعي وسيد قطب و بنت الشاطي ء و غير هم في عصرنا .

و من المطلوب في تلاوة القرآن أن ينضم جمال الصوت و الأداء إلي جمال البيان و النظم . و لهذا قال تعالي : ( وَرَتِلِ الُقرُءَانَ تَرُتيَلًا (4) ([24])

و قال الرسول (صلي الله عليه و آل و سلم ) : « زينوا القرآن بأصواتكم »([25]) ، و في لفظ آخر : « فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً» ([26]) .

و قال : «ليس منا من لم يتغن بالقرآن » ([27]) ، ولكن التغني المطلوب لا يعني التلاعب أو التحريف .

و قال عليه الصلاة و السلام لأبي موسى :«لو رأيتني و أنا أستمع قراءتك البارحة‌ ! لقد أوتيت مزاراً من مزامير آل داود » !

فقال أبو موسى : لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيراً » ! ! ([28]) يعني : زدت في تجويده إتقانه و تحسين الصوت به .

و قال : «ما أذن الله لشيء ، ا أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن ، يجهر به » ([29]) .

و لقد سمعت شيخنا الدكتور محمد عبد الله دراز رحمه الله يحكي لنا عن موقف له المجلس الأعلى الإذاعة‌ ، و قد كان عضواً فيه : أنهم أرادوا أن يجعلوا وقت قراءة القرآن في الافتتاح والختام و بعض الفترات محسوباً على نصيب الدين فقط . إنه استمتاع أيضاً بالفن والجمال المودع في القرآن ، و المؤدي بأحسن الأصوات .

وهذا صحيح .. فالقرآن دين و علم وأدب و فن معاً . فهو يغذي الروح ، و يقنع العقل ‌، ويوقظ ، الضمير ، ويمتع العاطفة ، و يصقل اللسان .

* * *

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:17 am

التعبير عن الجمال :

وإذا كان الإسلام قد دعا إلي الإحساس بالجمال و تذوقه وحبه ، فإنه قد شرع التعبير عن هذا الإحساس والتذوق والحب بما هو جميل أيضاً .

* * *

فنون القول والأدب :

و أبرز ما يتجلى ذلك من فنون القول من الشعر والنثر والمقامة والقصة والملحمة ، وسائر فنون الأدب ، و قد استمع النبي ( صلي الله عليه وآل و سلم ) إلي الشعر و تأثر به ، و منه قصيدة كعب بن زهير الشهيرة « بانت سعاد » و فيها من الغزل ما هو معروف ، و قصيدة النابغة الجعدي ،و دعا له ، ووظف الشعر في خدمة الدعوة والدفاع عنها ، كما صنع مع حسان . واستشهد بالشعر كما في قوله : «أصدق كلمة قالها شاعر : كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا الله باطل » ([30]. )

واستشهد أصحابه بالشعر ، وفسروا به معاني القرآن ، بل منهم من قاله ، وأجاد فيه ، كما يروي عن علي كرم الله وجهه .وهناك عدد كبير من الصحابة شعراء .

و كثير من الأئمة الكبار كانوا شعراء ، مثل الإمام عبد الله بن المبارك ، والإمام محمد بن إدريس الشافعي وغيرهما .

وقال ( صلي الله عليه و آل و سلم ) « إن الشعر حكمة » ([31])، «إن من البيان لسحراً » ([32]) ، «إن من البيان سحراً ، وإن من الشعر حكماً » ([33]) .

و مفهوم الحديث أن من الشعر ما هو بعيد عن الحكمة ، بل هو نقيضها ، مثل شعر المديح بالباطل ، و الفخر الكاذب ، و الهجاء المتعدي ، والغزل المكشوف ، و نحو ذلك مما لا يتفق مع القيم الأخلاقية والمثل العليا .

و لهذا ذم القرآن الشعراء الزائفين والمزيفين ، الذين لا يتورعون عن شيء ، والذين تكذب أفعالهم أقوالهم . و ذلك في قوله تعالى : ( وَ الشّعَر َآ ء يَتَبِعهم ا لُغَا و,نَ (224 ) أَلَمُ تَرَ أَنَهمُ فِي كلِّ وَادِ يَهِمونَ (225 ) وَ أَنَهمُ يَقولونَ مَا لَا يَفُعَلونَ (226) إِلَا الَّذِيُنَ ءَ ا مَنواُ وَعَمِلواُ الصَالِحَاتِ وَ ذَكَرواُ الَلهَ كَثِيَرَا وَانتَصَرواُ مِن بَعُدِ مَا ظلِمواُ ) ([34])

فالشعر – والأدب عامة ، و الفن بوجه أعم – له هدف ووظيفة ، و ليس سائباً ، فهو شعر ملتزم ، و أدب ملتزم ، و فن ملتزم .

أما القوالب التي يظهر فيها الشعر أو الأدب فلا مانع من تغير و تطورها ، و اقتباس ما يلائمنا مما عند غيرنا . . المهم هو الهدف والمضمون والوظيفة .

اختراع العرب قديماً قوالب في الشعر كالموشحات ، و غيرها . و لهذا لا بأس من قبول القوالب الجديدة في الشعر المعاصر . كالشعر الحر .

كذلك ابتر العرب في العصور الإسلامية قوالب أدبية كالمقامات ، و القصص الخيالية ، كما في « رسالة الغفران » ، و «ألف ليلة و ليلة » و ترجموا مثل « كليلة و دمنة » ، و ألف المتأخر ون الملاحم الشعبية مثل قصة‌ «عنترة » ، و « سيرة بني هلال » إلى غير ذلك القوالب .

و في عصرنا يمكننا أن نستحدث من القوالب ما شئنا ، و أن نقتبس من غيرنا ينفعنا ، كالمسر حية الرواية و القصة القصيرة . و الذي نود تأكيد هنا هو ضرورة الالتزام بالعربية الفصحى ، و الحذر من المحاولات المشبوهة لترويج اللهجات العامية المختلفة للشعوب العربية ، فإنها تهدف إلى المباعدة بينها و بين القرآن و السنة ، كما تهدف إلى تثبيت الفرقة و التجزئة الإقليمية ، التي تحرس على بقائها القوي المعادية للعروبة و الإسلام.

و يغني عن ذلك اللغة السهلة التي تفهم الجماهير العربية بها نشرات الأخبار في الإذاعة و التلفاز ، و تفهم بها الصحف التي تطالعها كل يوم.

كما أن الفصحى ، و لا يستطيعون التفاهم مع الجميل إلا بها .

و قد وجهت إلي في أكثر من مكان أسئلة حول شرعية بعض القوالب الإسلامية الأدبية كالمسرحية و القصة‌ ، حيث يخترع القصاص أو المؤ‌لف المسرحي شخصيات ،‌ و ينطقها بألقوال و أمور لم تحدث في الواقع ، فهل يدخل هذا دائرة الكذب المحرم شرعاً ؟

و كان جوابي : إن هذا لا يدخل في الكذب المحظور ؛ لأن السامع يعرف جيداً أن المقصود ليس هو إخبار القرى ء بوقائع حدثت بالفعل . إنما هو أشبه بالكلام الذي يحكي على ألسنة الطيور و الحيوانات ، فهو من باب التصوير الفني واستنطاق الأشخاص بما يمكن أن ينطقوا به في هذا الموقف . كما حكى القرآن عما تكلمت به «النملة » أو نطق به «الهدهد » أمام سليمان عليه السلام . فمن المؤكد لم يتحدثا بهذا الكلام العربي المبين ، إنما ترجم القرآن عما يمكن أن يكون قولها في هذا الوقت ، و ذلك الموقف .

و قد شاركت شخصياً في التأليف المسرحي بعملين :

أحدهما : مسرحية شعرية عن «يوسف الصديق » عليه السلام . و ذلك في مطلع حياتي الأدبية ، و أنا في السنة الأولى من المرحلة الثانوية ، و كنت متأثراً في ذلك بمسرحيات شوقي الشهيرة .

و الثاني : مسرحية تاريخية عن سعيد بن جبير والحجاج ابن يوسف ، سميتها « عالم وطاغية » و قد مثلت في أكثر من بلد ، و لاقت قبولاً حسناً . بخلاق الأولى ؛ لأنها تتعلق بقصة نبي مرسل ، والاتفاق بين علماء العصر منعقد على أن الأنبياء لا يمثلون .

* * *


يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:18 am

فن الجمال المسموع

( الغناء و الموسيقي )



لقد تبين لنا فيما ذكرناه من خلال النصوص : عناية الإسلام بالجمال ، و حرصه على تربية تلك الحاسة التي تجعل الإنسان يشعر بالجمال و يتذوقه في مجالاته المتنوعة .

و من الجمال ما يتجلى لحاسة السمع ، و منه ما يتجلى لحاسة البصر ، و منه ما يتجلى لحواس أخرى .

و نريد هنا أن نتحدث عن « الجمال المسموع » ، و بعبارة أخرى : عن الغناء ، سواء أكان بالة موسيقية‌ أم بغير آلة ، و يلزمنا أن نجيب عن هذا السؤال الكبير : ما حكم الإسلام في الغناء والموسيقي ؟

* * *

ما حكم الإسلام في الغناء والموسيقي ؟

سؤال يتردد على ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة و أحيان شتى .

سؤال اختلاف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه ، و اختلاف سلوكهم تبعاً لاختلاف أجوبتهم ، فمنهم من يفتح أذنية لكل نوع من أنواع الغناء ، و لكل لون من ألوان الموسيقي مدعياً أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة أباح الله لعباده .

و منهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنية عند سماع أية أغنية قائلاً : إن الغناء مزمار الشيطان ، و لهو الحديث و يصد عن ذكر الله و عن الصلاة‌ و خاصة‌ إذا كان المغني امرأة ، فالمرأة – عندهم – صوتها عورة بغير الغناء ، فكيف بالغناء ؟ و يستدلون لذلك بآيات و أحاديث و أقوال .

و من هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقى ، حتى المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار .

ووقف فرين ثالث متردداً بين الفريقين ؛ ينحاز إلى هؤلاء تارة ،‌ وإلى أولئك طوراً ، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوع الخطير ، الذي يتعلق بعواطف الناس و حياتهم اليومية ، و خصوصاً بعد أن دخلت الإذاعة – المسموعة والمرئية – على الناس بيوتهم ، بجدها و هزلها ، و جذبت إليها أسماعهم بأغانيها و موسيقاها طوعاً و كرهاً .

و الغناء‌ بآية – أي مع الموسيقى – و بغير آلة : مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولى ، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخرى .

اتفقوا على تحريم كل غناء يشتمل على فحش أو فسق أو تحريض على معصية ، إذ الغناء ليس إلا كلاماً فحسنه حسن ، و قبيحه قبيح و كل قول يشتمل على حرام ، فما بالك إذ اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟

و اتفقوا على إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات و الإثارة ، و ذلك في مواطن السرور المروعة ، كالعرس ، وقدوم الغائب ، و أيام الأعياد . . .

ونحوها ، بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها .

و قد وردت في ذلك نصوص صريحة – سنذكرها فيما بعد . و اختلفوا فيما عدا ذلك اختلافاً بيناً : فمنهم من أجاز كل غناء بآلة و بغير آلة ، ومنهم من منعه منعاً باتاً بآلة و بغير آلة‌ ، و عده حراماً ، بل ريما ارتقي به إلى درجة « الكبيرة » .

و لأهمية الموضوع نرى لزاماً علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل ، و نلقي عليه أضواء كاشفة لجوانبه المختلفة ، حتى يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام ، متبعاً للدليل الناصع ، لا مقلداً قول قائل ، و بذلك يكون على بينة من أمره ، و بصيرة من دينه .

الأصل في الأشياء الإباحة :

قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالى : ( هوَ الَذِي خَلَقَ لَكم مَا فِي الُأَرُضِ جَمِيعَاَ ) ( [35]) ، و لا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى ، أو سنة رسوله ( صلي الله عليه و آله و سلم ) ، أو إجماع ثابت متيقن ، فإذا لم يرد نص ولا إجماع . أو ورد نص صريح غير صحيح ، أو صحيح غير صحيح ، بتحريم شيء من الأشياء ، لم يؤثر ذلك في حله ، و بقي في دائرة العفو الواسعة ، قال تعالى : ( وَقَدُ فَصَلَ لَكم مَا حَرَمَ عَلَيُكمُ إِلَا مَا اضُطرِرُتمُ إِلَيُهِ ) ([36]) . و قال رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) : « ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، و ما حرم فهو حرام ، و ما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً » ، و تلا : ( وَ مَا كَانَ رَبكَ نَسِيَاَ (64) ) ( [37]) .

و قال : « إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدوداً فلا تعتدوها ، و سكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها » ( [38]).

و إذ كانت هذه هي القاعدة ، فما هي النصوص و الأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء ، و ما موقف المجيزين منها ؟

* * *

أدلة المحرمين للغناء و مناقشتها :

( أ ) استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود و ابن عباس و بعض التابعين : أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالى : ( وَ مِنَ النَاسِ مَن يَشُتَرِي لَهُوِ الحَدِيثِ لِيضِلَّ عَن سَبِيلِ الَلهِ بِغَيُرِ عِلُمِ وَ يَتَّخِذَهَا هزوًا أولَيكَ لَهمُ عَذَاب مهِين (6) ) ([39]) ؛ و فسروا لهو الحديث بالغناء .

قال ابن حزم : « ولا حجة في هذا لوجوه :

أحدها : أنه لا حجة لأحد دون رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) .

و الثاني : أنه قر خالف غير هم من الصاحبة و التابعين .

والثالث : أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها ؛ لأن فيها : ( وَ مِنَ النَاسِ مَن يَشُتَرِي لَهُوَ الُحَدِيثِ لِيضِلَّ عَن سَبِيلَ اللَهِ بِغَيُرِ عِلُمِ وَ يَتَّخِذَهَا هزوًا ) ، و هذه صفة من فعلها كان كافراً بلا خلاف ، إذا اتخذ سبيل الله هزواً .

قال : « و لو أن امرءاً اشترى مصحفاً ليضل به عن سبيل الله ، و يتخذه هزواً ، لكان كافراً ! فهذا هو الذي ذم الله تعالى ، و ما ذم قط – عز و جل – من اشترى لهو الحديث ليتلهى به ويروح نفسه ، لا ليضل عن سبيل الله تعالى . فبطل تعلقهم بفول هؤلاء ، و كذلك من اشتغل عامداً عن الصلاة بقراءة القرآن ،أو بقراءة السنن ، أو بحديث يتحدث به ، أو بغناء ، أو بغير ذلك ، فهو فساق عاص لله تعالى ، و من لم يضيع شيئاً من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن » ([40]) .

(ب) و استلوا بقوله تعالى في مدح المؤمنين : ( وَ إِذَا سَمِعواُ اللّغُوَ أَعُرَضواُ عَنُه ) ( [41]) ، و الغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه .

و يجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو : سفه القول من السب والشتم و نحو ذلك ، و بقية الآية تنطق بذلك . قال تعالى : ( وَ إِذَا سَمِعوُاُ اللَغُوَ أَعُرَضواُ عَنُه وَقَالواُ لَنا أَعُمَالنَا وَلَكمُ أَعُمَالَكمُ سَلَم عَلَيُكمُ لَا نَبُتَغِي الُجَاهِلِيُنَ (55) ) ( [42] ) ، فهي شبيهة بقوله تعالى في وصف عباد الرحمن : ( وَ إِذَا خَاطَبَهم الُجَاهِلونَ قَالواُ سَلَمَا (63) ) ( [43] ) .

و لو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه تمدحه ،‌و ليس فيها ما يوجب ذلك.

و كلمة «اللغو » ككلمة « الباطل » تعني ما لا فائدة فيه ، و سماع ما لا فائدة فيه ليس محرماً ما لم يضيع حقاً ، أو يشغل عن واجب .

روي عن ابن جريج : أنه كان يرخص في السماع فقيل له : أيؤتى به يوم القيمة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال : لا في الحسنات و لا في السيئات ؛ لأنه شبيه باللغو ، قال تعالى : ( لَا يؤَخِذ كم اللَه بِالَلغُو ِفِي أَيُمَانَكمُ ) ( [44] ) .

قال الإمام الغزالي : « إذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه و لا تصميم ، و المخالفة فيه – مع أنه لا فائدة فيه – لا يؤاخذ به ، فكيف يؤاخذ بالشعر و الرقص » ؟ ! ( [45] ) .

على أننا نقول : ليس كل غناءٍ لغواً ؛ إنه يأخذ حكمه و فق نية صاحبه ، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة ، و المزح طاعة ، و النية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة . باطنه الرياء : « إن الله لا ينظر إلى صوركم و أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم » ( [46] ) .

و ننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في « المحلى » ردا على الذين يمنعون الغناء قال : « احتجوا فقالوا : من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ و لا سبيل إلى قسم ثالث ،‌ و قد قال الله تعالى : ( فَمَا ذَا بَعُدَ الُحَقِ إلَا الضَلَال ) ( [47] ) ، فجوابنا – و بالله التوفيق - : أن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) قال : « إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرىء ما نوى » ( [48]) فمن نوى باستماع الغناء ، و من نوى به ترويح نفسه ، ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل ، و ينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن ، و فعله هذا من الحق ، ومن لم ينو طالعة و لا معصية فهو لغو معفو عنه ، كخروج الإنسان إلى بستانه ، و قعوده على باب داره متفرجاً و صبغه ثوبه لا زورديّاً أو أخضر أو غير ذلك ، و مد ساقه و قبضها ، و سائر أفعاله » ( [49] ) .

( ج ) و استدلوا بحديث : « كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة : ملاعبة الرجل أهله ، و تأديبه فرسه ، و رميه عن قوسه » ( [50] ) . . و الغناء خارج عن هذه الثلاثة .

و أجاب المجوزون بضعف الحديث ، ولو صح لما كان فيه حجة ، فإن قوله : « فهو باطل » لا يدل على التحريم ، بل يدل على عدم الفائدة . فقد ورد عن أبي الدر داء قوله : « إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوى لها على الحق » . على أن الحصر في الثلاثة غير مراد ، فإن التلهي بالنظر إلى الحبشة و هم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة ، و قد ثبت في الصحيح ، و لا شك أن التفرج في البساتين و سماع أصوات الطيور ، و أنواع المداعبات مما يلهو به الرحل ، لا يحرم عليه شيء منها ،و إن جاز و صفه بأنه باطل .

( د ) و استدلوا بالحديث الذي رواه البخاري – معلقاً – عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري – شك من الراوي – عن النبي علنه الصلاة و السلام قال : « ليكو نن قوم من أمتي يستحلون الحر ( [51]) والحرير والخمر والمعازف». والمعازف: الملاهي ، أو آلات العزف.

و الحديث و إن كان في صحيح البخاري : إلا أنه من « المعلقات » لا من « المسندات المتصلة »‌ و لذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده ، و مع التعليق فقد قالوا : إن سنده و متنه لم يسلما من الاضطراب .

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:18 am

و قد اجتهد الحافظ ابن حجر لوصل الحديث ، ووصله بالفعل من تسع طرق ، و لكنها جميعاً تدور على راوٍ تكلم فيه عدد من الأئمة النقاد ، ألا و هو : هشام ابن عمار ( [52] ) . و هو – و إن كان خطيب دمشق و مقرئها و محدثها وعالمها ، ووثقه ابن معين و العجلي – فقد قال عنه أبو داود : حدث بأربعمائة حديث لا أصل لها .

و قال أبو حاتم : صدوق و قد تغير ، فكان كل ما دفع إليه قرأه ،‌ و كل ما لقنه تلقّن . و كذلك قال ابن سيار .

و قال الإمام أحمد : طياش خفيف .

و قال النسائي : لا بأس به ( و هذا ليس بتوثيق مطلق ) .

و رغم دفاع الحافظ الذهبي عنه قال : صدوق مكثر له ما ينكر ( [53] ) .

وأنكروا عليه أنه لم يكن يحدّث إلّا بأجر !
و مثل هذا لا يقبل حديثه في مواطن النزاع ، و خصوصاً في أمر عمت به البلوى .

و رغم ما في ثبوته من الكلام ،‌فقي دلالة كلام آخر؛ فكلمة «المعازف » لم يتفق على معناها بالتحديد : ما هو ؟ فقد قيل : الملاهي ،وهذه مجملة ، وقيل : آلات العزف .

ولو سلّمنا بأن معناها : آلات الطرب المعروفة‌ بآلات الموسيقى . فلفظ الحديث المعلّق في البخاري غير صحيح في إفادة حرمة « المعازف » لأن عبارة « يستحلون » - كما ذكر ابن العربي – لها معنيان : أحدهما : يعتقدون أن ذلك حلال ، والثاني : أن تكون مجازاً عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور ؛ إذ لو كان المقصود بالاستحلال : المعني الحقيقي ، لكان كفراً ، فإن استحلال الحرام المقطوع به – مثل الخمر والزنى المعبر عنه ب « الحر » كفر بالإجمال .

و لو سلمنا بدلالتها على الحرمة ، فهل يستفاد منها تحريم المجموع المذكور من الحر و الحرير و الخمر و المعازف ، أو كل فرد منها على حدة ؟ و الأول هو الراجح . فإن الحديث في الواقع ينعى على أخلاق طائفة من الناس : انغمسوا في الترف و الليالي الحمراء ، و شرب الخمور . فهم بين خمر نساء ، و لهو و غناء ، و خزّ و حرير . و لذا روي ابن ماجه هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بالفظ : « ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يعزف على رؤوسهم بالمعازف و المعنيات ، يخسف الله بهم الأرض و يجعل منهم القردة و الخنازير » ،‌ و كذلك رواه ابن حبان في صحيحه ، و البخاري في تاريخه .

و كل من روي الحديث من طريق غير هشام ابن عمار ، جعل الوعيد على شرب الخمر ، و ما المعازف إلا مكملة و تابعة .

( ه ) و استدلوا بحديث عائشة : « إن الله تعالى حرم القينة ( أي الجارية 9 و بيعها و ثمنها ‌و تعليمها » .

و الجواب عن ذلك :

أولاً : أن الحديث ضعيف ، و كل ما جاء في تحريم بيع القيان ضعيف ( [54] ) .

ثانياً : قال الغزالي : « المراد بالقينة الجارية التي تغني للدجال في مجلس الشرب ، و غناء‌ الأجنبية للفسّاق و من يخاف عليهم الفتنة حرام ،‌ و هم لا يقصدون بالفتنة إلا ما محذور . فأما غناء الجارية لمالكها ، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث . بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة ، بدليل ما روي في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالى عنها ( [55] ) . . و سيأتي .

ثالثاً : كان هؤلاء‌ القيان المغنيات يكون عنصراً هاماً من نظام الرقيق ، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجياً ، فلم يكن يتفق و هذه الحكومة : إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي ، فإذا جاء حديث بالنعي على امتلاك « القينة » ، و بيعها ،‌ و المنع منه ، فذلك لهدم ركن من بناء « نظام الرق » العتيد .

( و ) و استدلوا بما روي نافع : أن ابن عمر سمع صوت زمارة‌ راع أصبعيه في أذنية ،‌و عدل راحلته عن الطريق ، و هو يقول : يا نافع ، أستمع ؟ فأقول : نعم ، فيمضي ، حتى قلت : لا . فرفع يده و عدل راحلته إلى الطريق ،‌ و قال : « رأيت رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا » .

و الحديث قال عنه أبو داود : حديث منكر .

و لو صح لكان حجة على المحرمين لا لهم ، فلو كان سماع المزمار حراماً ما أباح النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) لا بن عمر سماعه ، و لو كان عند ابن عمر حراماً ما أباح لنافع سماعه ، و لأمر عليه السلام بمنع و تغيير هذا المنكر ، فإقرار النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) لا بن الحلال .

و إنما تجنب – عليه السلام – سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا ، كتجنبه الأكل متكئاً ،‌ و أن يبيت عنده دينار أو درهم . . . إلخ .

( ز ) واستدلوا أيضاً بما روي : « إن الغناء ينبت النفاق في القلب » ولم يثبت هذا حديثاً عن نبي ( صلي الله عليه وآل و سلم ) و إنما ثبت قولاً لبعض الصحابة أو التابعين ، فهو رأي لغير معصوم خالفه فيه غيره . فمن الناس من قال – وبخاصة الصوفية - : إن الغناء يرقق القلب ، ويبعث الحزن والندم علي المعصية ،‌ و يهيج الشوق إلى الله تعالى ، و لهذا اتخذوه وسيلة‌ لتجديد نفوسهم ، و تنشيط عزائمهم ، و إثارة أشوقهم . قالوا : و هذا أمر لا يعرف إلا بالذوق و التجربة و الممارسة ، و من ذاق عرف ، و ليس الخبر كالعيان !

على أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع ، إذ كان غرض المغني أن يعرض نفسه على غيره ، و يروج صوته عليه ، و لا يزال ينافق ويتودد إلى الناس ليرغبوا في غنائه . و مع هذا قال الغزالي : « و ذلك لا يوجب تحريماً ، فإن لبس الثياب الجميلة ، و ركوب الخيل المهملجة ، و سائر أنواع الزينة ، و لا يطلق القول بتحريم ذلك كله ، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب : المعاصي ، بل إن المباحات ، التي هي مواقع نظر الخلق ، أكثر تأثيراً » ( [56] )‌ .

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:19 am

( ح ) و استدلوا على تحريم غناء المرأة خاصة‌ ،‌ بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة ،‌ و قد كان النساء يسألن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) في ملاٍ من أصحابه ، و كان الصحابة يذهبون إلى أمهات المؤمنين و يستفتونهن و يفتينهم ويحدثنهم ،‌و لم يقل أحد : إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة‌ يجب أن تستر . مع أن نساء النبي عليهن من التغليظ ما ليس على غير هن .

وقال تعالى : ( وًقلُنَ قَوُلَاَ‌ مَّعُروفَاَ (‌32 )‌ ) ([57] ) .

فإن قالوا : هذا في الحديث العادي لا في الغناء ‌، قلنا : روي في الصحيحين أن النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) سمع غناء الجاريتين و لم ينكر عليهما ، و قال لأبي بكر : « دعهما » ، و قد سمع ابن جعفر و غيره من الصحابة و التابعين الجواري يغنين .

( ط ) و استدلوا بحديث الترمذي عن علًّى مرفوعاً : « إذا فعلت أمتي خمس عشرة‌ خصلة ، حلّ تها البلاء . . . » ، وذكر منها : « واتخذت القينات و المعازف » ، و الحديث متفق على ضعفه ،‌فلا حجة فيه .

و الخلاصة . . أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح ، أو صريح غير صحيح . و لم يسلم حديث واحد مرفوع إلى رسول الله ( صلي الله عليه وآل وسلم ) يصلح دليلاً للتحريم ، و كل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية و المالكية و الحنابلة و الشافعية .

قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب « الأحكام » : لم يصح في التحريم شيء .

و كذا قال الغزالي و ابن النحوي في العمدة .

و قال ابن طاهر في كتابه في « السماع » : لم يصح منها حرف واحد .

و قال ابن حزم : « و لا يصح في هذا الباب شيء ، و كل ما فيه فموضوع . و والله لو أسند جمعية ، أو واحد منه فأكثر ، من طريق الثقات إلى رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) ،‌ لما ترددنا في الأخذ به » ( [58] ) .

* * *

أدلة المجيزين للغناء :

تلك هي أدلة المحرمين ، قد سقطت واحداً بعد الآخر ،‌ و لم يقف دليل منها على قدميه . و إذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء على أصل الإباحة بلا شك ، و لو لم يكن معنا نص أو دليل واحد على ذلك غير سوط أدلة التحريم . فكيف و معنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة ، وروحه السمحة ، و قواعده العامة ، و مبادئه الكلية ؟

و هاك بيانها :

أولاً ـ من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة ، منها : حديث غناء الجاريتين في ليت النبي ( صلي الله عله و آل و سلم ) عند عائشة ، وانتهار أبي بكر لهما ،‌ و قوله : مزمور الشيطاني في ليت النبي ( صلي الله عليه و آل وسلم ) ، و هذا يدل على أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم ، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلى هذا الحد .

و المعول عليه هنا هو رد النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) على أبي بكر ربضي الله عنه و تعليله : أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة ، و إنه بعث بحنيفية سمحة . و هو يدل على وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدى الآخرين ، و إظهار جانب اليسر و السماحة فيه .

و قد روي البخاري و أحمر عن عائشة ذات قرابة لها من الأنصار ، فجاء رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) فقال : « أهديتم الفتاة » ؟ قالوا : نعم . قال : « أرسلتم معها من يغني » ؟ قالت : لا . فقال رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) « إن الأنصار قوم فيهم غزل ، فلو بعثتم معها من يقول : أتيناكم أتيناكم . . فحيانا و حياكم » ؟ 1

و هذا الحديث يدل على رعاية أعراف الأقوام المختلفة‌ ، و اتجاههم المزجي ، ولا يحكم المرء مزاجه هو في حياة‌ كل الناس .

و روي النسائي و الحاكم و صححه عن عامر بن سعد قال : دخلت على قرظة بن كعب و أبي مسعود الأنصاري في عرس ،‌ و إذا جوار يغنين . فقلت : أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟ ! فقالا :اجلس إن شئت فاستمع معنا ، وإن شئت فاذهب ، فإنه قد رخص لنا اللّهو عند العرس .

و روي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين : أن رجلاً قدم المدينة بجوارٍ فأتى عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه ،‌فأمر جارية منهن فغنّت ، و ابن عمر يسمع ، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة ، ثم جاء الرجل إلى ابن عمر فقال : ني أبا عبد الرحمن ؛ غبنت بسبعمائة درهم ! فأتى ابن عمر إلى عبد الله بي جعفر فقال له : إنه غبن بسبعمائة درهم ،‌فإما أن تعطيها إياه ،‌ و إما أن ترد عليه بيعه ، فقال : بل نعطيه إياها . قال ابن حزم : « فهذا ابن عمر قد سمع الغناء و سعي في بيع المغنية ، و هذا إسناد صحيح ، لا تلك الملفقات الموضوعية » ( [59] ) .

و استدلوا بقوله تعالى : ( وَ إِذَا رَأَوُاُ تَجِارَةً أَوُ لَهُوًا انفَضّواُ إِلَيُهَا وَتَرَكوكَ قَآئمَاَ قلُ مَا عِنُدَ الّلَه خَيُر مِّنَ اللَهُوِ وَمِنُ التِجَارَة وَ الّلَه خَير الرَازِقِين ( 11 ) ) ( [60] ) .

فقرن اللهو بالتجارة – و هي حلال بيقين - ،‌ و لم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما – بمناسبة قدوم القافلة‌ و ضرب الدفوف فرحاً بها – عن خطبة النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) ، و تركه قاماً .

و استدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم : أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه . وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي .

و استدلوا بما نقله غير واحد من الإجماع على إباحة السماع ، كما سنذكره بعد .



* * *

و ثانياً ـ من حيث روح الإسلام و قواعده :

( أ ) لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس ، و تستطيبها العقول ، و تستحسنها الفطر ،‌ و تشتهيها الأسماع ،‌ فهو لذة المعدة . و المنظر الجميل لذة‌ العين ، و الرائحة‌ الذكية لذة الشم . . . إلخ ،‌ فهل الطيبات – أي المستلذات – حرام في الإسلام حلال ؟

من المعروف أن الله تعالى كان قد حرم على بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم على سوء ما صنعوا ، كما قال تعالى : ( فَبِظلُمِ مِنَ الَذِينَ هَادواُ حَرَّمُنَا عَلَيُهِمُ طَيِبَاتٍ أحِلَّتُ‌ لَهمُ وَ بِصَدِهِمُ عَن سَبِيل اللَه كَثِيرَاَ ( 160 ) وَ أَخُذِهِم الّرِبَواُ وَ قَدُ نهواُ عَنُه وَأَكُلِهِمُ أَمُوَالَ النَاسِ بِالُبَاطِلِ ) ( [61] ) ، فلما بعث الله محمداً ( صلي الله عليه و آل و سلم ) جعل عنوان رسالة‌ في كتب الأولين أنه : ( يَأُمرهم بِالُمَعُروفِ وَيَنُهَهمُ عَنِ الُمنكَرَ وَ يحِلّ لَهم الُطَيِبَاتِ وَ يحَرِم عَلَيُهِم الُخَبَثَ وَيَضَع عَنُهمُ إِصُرَهمُ وَالُأَغُلَالَ الَتِي كَانَتُ عَلَيُهِمُ ) ( [62] ) .

فلم يبق في الإسلام شيء طيب – أي تستطيبه الأنفس و العقول السليمة – إلا أحله الله ، رحمة‌ بهذه الأمة لعموم رسالتها و خلودها . قال تعالى : ( يَسُئَلونَكَ مَاذَآ أحِلَّ لَهمُ قلُ أحِلَ لَكم الطَيِبَات ) ( [63] ) .

و لم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم على نفسه أو على غيره شيئاً من الطيبات مما رزق الله ، مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء‌ وجه الله فيه ، فإن التحليل و التحريم من حق الله وحده . و ليس من شأن عباده ، قال تعالى : ( قلُ أَرَءَ يُتمُ مَّآ أَنزَلَ اللَه لَكم مِن رِزُقِ فَجَعَلُتمُ مِنُه حَرَمَا وَحَلَالَاَ قلُ ءَآلّلَه أَذُنَ لَكمُ أَمُ عَلَى الّلَه تَفُترونَ (59 ) ) ( [64] ) ، و جعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات ، كلا هما يجلب سخط الله و عذابه ، ويردي صاحبه في هاوية الخسران المبين ،‌و الضلال البعيد ، قال جل شأنه ينعي على من فعل ذلك من أهل الجاهلية‌ : ( قَدُ خَسِرَ الَذِيُنَ قَتِلواُ أَولَادَهمُ سَفَهَا بِغَيُرِ عِلُمِ وَ حَرَمواُ مَا رَزَقُهمُ الّلَه افُتِرَآءً عَلَى الله قَدُ ضَلّواُ وَمَا كَانواُ مهُتَدِيُنَ ( 140 ) ) ( [65] ) .

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:20 am

( ب ) و لو تأملنا لوجدنا حب الغناء و الطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية و فطرة بشرية ، حتى إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه ، و تنصرف نفسه عما يبكيه إلى الإصغاء إليه . و لذا تعودت الأمهات و المرضعات و المربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم . بل نقول : إن الطيور و البهائم تتأثر بحسن الصوت و النغمات الموزونة حتى قال الغزالي في « الإحياء » : «‌ من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال ، بعيد عن الروحانية / زائد في غلظ الطبع و كثافته على الجمال و الطيور و جميع البهائم ، إذ الجمل – مع بلادة طبعه – يتأثر بالحداء تأثر يستخف معه الأحمال الثقيلة و يستقصر – لقوة نشاطه في سماعه – المسافات الطويلة ، و ينبعث فيه من النشاط ما يسكره و يولهه . فترى الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها ، و تصغي إليه ناصبة آذانها ،‌ و تسرع في سيرها ،‌ حتى تتزعزع عليها أحمالها و محاملها » .

و إذ كان حب الغناء غريزة و فطرة فهل جاء‌ الدين لمحاربة‌ الغرائز و الفطر و التنكيل بها ؟ كلا ، إنما جاء لتهذيبها و السمو بها ، و توجيهها التوجيه القويم . قال الإمام ابن تيمية رحمه الله : إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة و تقريرها لا بتبديلها و تغييرها .

و مصداق ذلك أن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) قدم المدينة و لهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : « ما هذان اليمان » ؟ قالوا : كنا نلعب فيهما في الجاهلية . فقال عليه السلام : « إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما : يوم الأضحى و يوم الفطر » ( [66] ) .

و قالت عائشة : «‌ لقد رأيت النبي يسترني بردائه ،‌و أنا أنظر إلى الحبشة‌ يلعبون في المسجد ، حتى أكون أنا التي أسأمه – أي اللعب – فاقدروا قدر الجارية‌ الحديثة‌ السن الحريصة‌ على اللهو » .

و إذ كان الغناء لهواً و لعباً فليس اللهو و العب حراماً ، فالإنسان لا صبر له على الجد المطلق و الصرامة الدائمة .

قال النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) لحنظلة – حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده ،‌و تغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) :‌ « يا حنظلة ؛‌ ساعة و ساعة » ( [67]‌ ) .

و قال علي بن أبي طالب : روحوا القلوب ساعة بعد ساعة ،‌فإن القلوب إذا أكرهت عميت .

و قال كرم الله وجهه : إن القلوب تمل كما تمل الأبدان ، فابتغوا لها طرائف الحكمة .

و قال أبو الدرداء : إني لأستجم نفسي بالشي ء‌ من اللهو ليكون أقوى لها على الحق .

و قد أجاب الإمام الغزالي عمن قال :‌إن الغناء لهو ولعب بهوه :‌هو كذلك ، و لكن الدنيا كلها لهو و لعب . . و جميع المداعبة‌ مع النساء‌ لهو ، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد ،‌كذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال ،‌ نقل ذلك عن رسول الله ( صلي الله عليه و آل و سلم ) و عن الصحابة‌ .

و أي لهو يزيد على لهو الحبشة و الزنوج في بعبهم ،‌ فقد ثبت بالنص إباحته . على أني أقول : اللهو مروح القلب ، و مخفف عنه أعباء الفكر ، و القلوب إذا أكرهت عميت ،‌ و ترويحها إعانة لها على الجد ، فالمواظب على التفقه مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة‌ ؛‌ لأن عطلة يوم تساعد على النشاط في سائر الأيام ، و المواظب على نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات ،‌فالعطلة معونة‌ على العمل ، و اللهو معين على الجد ،‌ولا يصبر على الجد المحض ،‌ و الحق المر ،‌إلا نفوس الأنبياء‌ عليهم السلام .

فاللهو دواء القلب من داء الإعياء و الملال ‌،فينبغي أن يكون مباحاً ،‌ و لكن لا ينبغي أن يستكثر منه ،‌كما لا يستكثر من الدواء‌ ، فإذن اللهو على هذه النية يصير قربة‌،‌هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها ،‌بل ليس له إلا اللذة و الاستراحة المحضة ، فينبغي أن يستحب له ذلك ،‌ليتوصل به إلى المقصود الذي ذكرناه . نعم هذا يدل على نقصان عن ذروة الكمال هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق ، و لكن حسنات الأبرار سيئات المقربين ،‌و من أحاط بعلم علاج القلوب ، ووجوه التلطف بها ،‌ و سياقتها إلى الحق ،‌علم قطعاً أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غنى عنه » ( [68] ) . . انتهي كلام الغزالي ،‌ و هو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحق .

القائلون بإجازة الغناء‌ :‌

تلك هي الأدلة المبيحة للغناء‌ من نصوص الإسلام و قواعده ‌،‌ فيها الكفاية‌ كل الكفاية و لو لم يقل بموجبها قائل ،‌ و لم يذهب إلى ذلك فقيه ،‌ فكيف و قد قال بموجبها الكثيرون من صحابة‌ و تابعين و أتباع و فقهاء‌ ؟‌

و حسبنا أن أهل المدينة‌ - على ورعهم – و الظاهرية – على حرفيتهم و تمسكهم بظواهر النصوص – و الصوفية – على تشددهم و أخذهم بالعزائم دون الرخص – روي عنهم إباحة الغناء .

قال الإمام الشوكاني في « نيل الأوطار » : « ذهب أهل المدينة و من وافقهم من علماء‌ الظاهر ،‌ و جماعة الصوفية‌ ، إلى الترخيص في الغناء‌ ، و لو مع العود و البراع .

و حكى الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع : أن عبد الله بن جعفر كان لا يرى بالغناء بأساً ، ويصوغ الألحان لجواريه ، ويسمعها منهن على أوتاره . و كان ذلك في زمن أمير المؤمنين على رضي الله عنه .

و حكى الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضاً عن القاضي شريح ،‌وسعيد بن المسيب ، وعطاء بن أبي رباح ، و الزهري ، و الشعبي . و قال إمام الحرمين في النهاية ،‌ و ابن أبي الدنيا : نقل الأثبات من المؤرخين : أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات ،‌ و أن ابن عمر دخل عليه و إلى جنبه عود ، فقال : ما هذا يا صاحب رسول الله ؟ ! فناوله إياه ،‌ فتأمله ابن عمر فقال : هذا ميزان شامي ؟ قال لبن الزبير : يوزن به العقول !

و روي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلى ابن سيرين قال : « إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل على ابن عمر ،‌ و فيهن جارية تضرب . فجاء رجل فساومه ، فلم يهو فيهن شيئاً ،‌ قال : انطلق إلى رجل هو أمثل لك بيعاً من هذا . قال : من هو ؟‌ قال : عبد الله بن جعفر . . فعرضهن عليه ، فأمر جارية منهن ،‌ فقال لها : خذي العود ،‌فأخذته ،‌ فغنت ، فبايعه ثم جاء إلى ابن عمر . . . إلى آخر القصة .

و روي صاحب «العقد» العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي : أن عبد الله بن عمر دخل على ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود ‌، ثم قال لا بن عمر : هل ترى بذلك بأساً ؟ قال : لا بأس بهذا .

و حكى الماوردي عن معاوية و عمرو بن العاص : أنهما سمعا العود عند ابن جعفر .

و روي أبو الفرج الأصبهاني : أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء بالمزهر بشعر من شعره .

و ذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك . و المزهر عند أهل اللغة ) العود .

و ذكر الأدفوي : أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة‌ . و نقل ابن السمعاني الترخيص عن طاوس ، و نقله ابن قتيبة و صاحب « الإمتاع »‌ عن قاضي المدينة سعد بن إبراهيم ابن عبد الرحمن الزهري من التابعين . و نقله أبو يعلى الخليلي في « الإرشاد » عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:21 am

و حكى الروياني عن القفال :‌ أن مذهب مالك بن أنس أباحة الغناء بالمعازف ، و حكى الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود ،‌ و ذكر أبو طالب المكي في « قوت القلوب » عن شعبة‌ : أنه سمع طنبوراً في بيت المنهال بن عمرو المحدث المشهور .

و حكى أبو الفضل بن طاهر في مؤلفة في « السماع » : أنه لا خلاف بين أهل المدينة‌ في إباحة العود .

قال ابن النحوي في « العمدة » : و قال ابن طاهر : هو إجماع أهل المدينة‌ . قال ابن طاهر : و إليه ذهبت الظاهرية قاطبة‌ . قال الأدفوي : لم يختلف النقلة في نسبتة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر ، وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم ( يعني بالجماعة : أصحاب الكتب الستة ، من الصحيحين و السنن ) .

و حكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية ، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن ابن اسحاق الشيرازي ، وحكاه الأسنوي في «المهمات » عن الروياني و الماوردي ، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور ، وحكاه ابن الملقن في «العمدة » عن ابن طاهر ، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الذين بن عبد السلام ، وحكاه صاحب «الإمتاع » عن أبي بكر بن العربي ، و جزم بالإباحة الأدفوي .

هؤلاء‌ جميعاً قالوا بتحليل السماع ،‌ مع آلة من الآلات المعروفة‌ - أي آلات الموسيقي .

و أما مجرد الغناء‌ من غير آلة ، فقال الأدفوي في « الإمتاع »‌: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق على حله ، و نقل ابن طاهر إجماع الصحابة و التابعين عليه ، و نقل التاج الفزاري و ابن قتيبة إجماع أهل المدينة عليه ، و قال المارودي : م يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة‌ المأمور فيها بالعبادة و الذكر .

قال ابن النحوي في «‌ العمدة » :‌ و قد روي الغناء و سماعه عن جماعة‌ من الصحابة و التابعين ، فمن الصاحبة عمر – كما رواه ابن عبد البر و غيره ، و عثمان – كما نقله الماوردي و صاحب البيان و الرافعي ،‌ و عبد الرحمن بن عوف – كما رواه ابن أبي شيبة‌ ، و أبو عبيدة بن الجراح – كما أخرجه ابن قتيبة ، و أبو مسعود الأنصاري – كما أخرجه البيهقي ،‌و بلال ، و عبد الله بن الأرقم ، و أسامة بن زيد – كما أخرجه البيهقي أيضاً ،‌و حمزة‌ - كما في الصحيح ، و ابن عمر – كما أخرجه ابن طاهر ، و البراء بن مالك – كما أخرجه أبو نعيم ، و عبد الله بن جعفر – كما رواه ابن عبد البر ، و عبد الله بن الزبير – كما نقل أبو طالب المكي ،‌و حسان – كما رواه أبو الفرج الأصبهاني ، و عبد الله بن عمرو – كما رواه الزبير بن بكار . و قرظة بن كعب – كما رواه ابن قتيبة ،‌ و خوات بن جبير ، و رباح بن المعترف – كما أخرجه صاحب الأغاني و المغيرة بن شعبة‌ - كما حكاه الماوردي ،‌عائشة و الربيع – كما في صحيح البخاري و غيره .

و أما التابعون فسعير بن المسيب ،‌ و سالم بن عبد الله بن عمر ، و ابن حسان ،‌و خارجة بن زيد ، و شريح القاضي ، و سعيد بن جبير ، و عامر الشعبي ، و عبد الله ابن أبي عتيق ، و عطاء بن أبي رباح ، و محمد بن شهاب الزهري ، و عمر بن عبد العزيز ، و سعد بن إبراهيم الزهري .

و أما تابعوهم ، فخلق لا يحصون ،‌ منهم : الأئمة الأربعة ، و ابن عيينة ،‌ و جمهور الشافعية » . انتهي كلام ابن النحوي . هذا كله ذكره الشوكاني في « نيل الأوطار » ( [69] ) .



قيود و شروط لابد من مراعاتها :

و لا ننسى أن نضيف إلى هذا الحكم : قيوداً لا بد من مراعاتها في سماع الغناء :

1- نؤكد : ما أشرنا إليه أنه ليس كل غناء مباحاً ،‌ فلا بد أن يكون موضوعة متفقاً مع أدب الإسلام و تعاليمه .

فلا يجوز التغني بقول أبي نواس :

دع عنك لومي ، فإن اللوم إغراء
و داوني بالتي كانت هي الداء !


ولا بقول شوقي :‌



رمضان ولي هاتها يا ساقي
مشتاقة تسعى إلى مشتاق


و أخطرها منها : قول إيليا أبي ماضي في قصيدته « الطلاسم » :

جئت لا أعلم من أين ، و لكنى أتيت !

و لقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت !

كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري !

لأنها تشكيك في أصول الأيمان : المبدأ ،‌ و المعاد ،‌و النبوة . و مثلها : ما عبر عنه بالعامية‌ في أغنية « من غير ليه » و ليست أكثر من ترجمة من شك أبي ماضي إلى العامية ، ليصبح تأثيرا أوسع دائرة .

و مثل ذلك الأغنية التي تقول : « الدنيا سيجارة و كاس » . فكل هذه مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجساً من عمل الشيطان ، ويلعن شارب « الكأس » و عاصرها و بائعها وحملها و كل من أعان فيها بعمل . و التدخين أيضاً آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم و النفس و المال .

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:31 am

و حكى الروياني عن القفال :‌ أن مذهب مالك بن أنس أباحة الغناء بالمعازف ، و حكى الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود ،‌ و ذكر أبو طالب المكي في « قوت القلوب » عن شعبة‌ : أنه سمع طنبوراً في بيت المنهال بن عمرو المحدث المشهور .

و حكى أبو الفضل بن طاهر في مؤلفة في « السماع » : أنه لا خلاف بين أهل المدينة‌ في إباحة العود .

قال ابن النحوي في « العمدة » : و قال ابن طاهر : هو إجماع أهل المدينة‌ . قال ابن طاهر : و إليه ذهبت الظاهرية قاطبة‌ . قال الأدفوي : لم يختلف النقلة في نسبتة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر ، وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم ( يعني بالجماعة : أصحاب الكتب الستة ، من الصحيحين و السنن ) .

و حكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية ، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن ابن اسحاق الشيرازي ، وحكاه الأسنوي في «المهمات » عن الروياني و الماوردي ، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور ، وحكاه ابن الملقن في «العمدة » عن ابن طاهر ، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الذين بن عبد السلام ، وحكاه صاحب «الإمتاع » عن أبي بكر بن العربي ، و جزم بالإباحة الأدفوي .

هؤلاء‌ جميعاً قالوا بتحليل السماع ،‌ مع آلة من الآلات المعروفة‌ - أي آلات الموسيقي .

و أما مجرد الغناء‌ من غير آلة ، فقال الأدفوي في « الإمتاع »‌: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق على حله ، و نقل ابن طاهر إجماع الصحابة و التابعين عليه ، و نقل التاج الفزاري و ابن قتيبة إجماع أهل المدينة عليه ، و قال المارودي : م يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة‌ المأمور فيها بالعبادة و الذكر .

قال ابن النحوي في «‌ العمدة » :‌ و قد روي الغناء و سماعه عن جماعة‌ من الصحابة و التابعين ، فمن الصاحبة عمر – كما رواه ابن عبد البر و غيره ، و عثمان – كما نقله الماوردي و صاحب البيان و الرافعي ،‌ و عبد الرحمن بن عوف – كما رواه ابن أبي شيبة‌ ، و أبو عبيدة بن الجراح – كما أخرجه ابن قتيبة ، و أبو مسعود الأنصاري – كما أخرجه البيهقي ،‌و بلال ، و عبد الله بن الأرقم ، و أسامة بن زيد – كما أخرجه البيهقي أيضاً ،‌و حمزة‌ - كما في الصحيح ، و ابن عمر – كما أخرجه ابن طاهر ، و البراء بن مالك – كما أخرجه أبو نعيم ، و عبد الله بن جعفر – كما رواه ابن عبد البر ، و عبد الله بن الزبير – كما نقل أبو طالب المكي ،‌و حسان – كما رواه أبو الفرج الأصبهاني ، و عبد الله بن عمرو – كما رواه الزبير بن بكار . و قرظة بن كعب – كما رواه ابن قتيبة ،‌ و خوات بن جبير ، و رباح بن المعترف – كما أخرجه صاحب الأغاني و المغيرة بن شعبة‌ - كما حكاه الماوردي ،‌عائشة و الربيع – كما في صحيح البخاري و غيره .

و أما التابعون فسعير بن المسيب ،‌ و سالم بن عبد الله بن عمر ، و ابن حسان ،‌و خارجة بن زيد ، و شريح القاضي ، و سعيد بن جبير ، و عامر الشعبي ، و عبد الله ابن أبي عتيق ، و عطاء بن أبي رباح ، و محمد بن شهاب الزهري ، و عمر بن عبد العزيز ، و سعد بن إبراهيم الزهري .

و أما تابعوهم ، فخلق لا يحصون ،‌ منهم : الأئمة الأربعة ، و ابن عيينة ،‌ و جمهور الشافعية » . انتهي كلام ابن النحوي . هذا كله ذكره الشوكاني في « نيل الأوطار » ( [69] ) .



قيود و شروط لابد من مراعاتها :
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:39 am

قيود و شروط لابد من مراعاتها :

و لا ننسى أن نضيف إلى هذا الحكم : قيوداً لا بد من مراعاتها في سماع الغناء :

1- نؤكد : ما أشرنا إليه أنه ليس كل غناء مباحاً ،‌ فلا بد أن يكون موضوعة متفقاً مع أدب الإسلام و تعاليمه .

فلا يجوز التغني بقول أبي نواس :

دع عنك لومي ، فإن اللوم إغراء
و داوني بالتي كانت هي الداء !


ولا بقول شوقي :‌



رمضان ولي هاتها يا ساقي
مشتاقة تسعى إلى مشتاق


و أخطرها منها : قول إيليا أبي ماضي في قصيدته « الطلاسم » :

جئت لا أعلم من أين ، و لكنى أتيت !

و لقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت !

كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟ لست أدري !

لأنها تشكيك في أصول الأيمان : المبدأ ،‌ و المعاد ،‌و النبوة . و مثلها : ما عبر عنه بالعامية‌ في أغنية « من غير ليه » و ليست أكثر من ترجمة من شك أبي ماضي إلى العامية ، ليصبح تأثيرا أوسع دائرة .

و مثل ذلك الأغنية التي تقول : « الدنيا سيجارة و كاس » . فكل هذه مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجساً من عمل الشيطان ، ويلعن شارب « الكأس » و عاصرها و بائعها وحملها و كل من أعان فيها بعمل . و التدخين أيضاً آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم و النفس و المال .

و الأغاني التي تمدح الظلمة و الطغاة و الفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا ، مخالفة لتعاليم الإسلام ،‌ الذي يلعن الظالمين ، و كل من يعينهم ، بل من يسكت عليهم ،‌ فكيف بمن يمجدهم ؟!

و الأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة – أو صاحبة العيون الجريئة – أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه : ( قل لِلُمؤمِنينَ يَقُضواُ مِنُ أَبُصَارِهِمُ . . . . ) ([70] ) ، ( وَقل لِلُمؤُمِنَاتِ يَغُضضُنَ مِنُ أَبُصَارِهِنَ ) ( [71] ) ، و يقول ( صلي الله عليه و آل و سلم ) : « يا علي ؛ لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليست لك الآخرة » .

2 – ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها ، فقد يكون الموضوع لا بأس به و لا غبار عليه ، و لكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول ، و تعمر الإثارة ، و القصد إلى إيقاظ الغرائز الهاجعة ، و إغراء‌ القلوب المرضية – ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلى دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع على الناس و يطلبه المستمعون و المستمعات من الأغاني التي تلح على جانب واحد ، هو جانب الغريزة الجنسية و ما يتصل بها من الحب والغرام ، و إشعالها بكل أساليب الإثارة و التهيج ، و خصوصاً لدى الشباب و الشابات .

إن القرآن يخاطب نساء النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) فيقول : ( فَلَا تَخُضَعُنَ بِالُقَوُلِ فَيَطُمَعَ الَذِي فِي قَلُبِهِ مَرَض ) ( [72] ) . فكيف إذا كان مع الخصوص في القول الوزن و النغم و التطريب و التأثير .

3- و من ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم ، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال و النساء ، بلا قيود ولا حدود، و هذا هو المألوف في مجالس الغناء‌و الطرب من قديم . و هي الصورة الماثلة في الأذهان عندما يذكر الغناء ، و بخاصة غناء الجواري و النساء .

و هذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجه و غيره : « ليشربن ناس من أمتي الخمر ، يسمونها بغير اسمها يعزف على رؤوسهم بالمعازف و المغنيات ، يخسف الله بهم الأرض و يجعل منهم القردة و الخنازير » .

و أود أن أنبه هنا على قضية مهمة ،‌ و هي : أن الاستماع إلى الغناء‌ في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء ، و مخالطة المغنيين و المغنيات و حواشيهم ، و قلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع ، ويكرها الدين .

أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلى الأغاني و هو بعيد عن أهلها و مجالسها ،‌ و هذا لا ريب عنصر مخفف في القضية ،‌ ويميل بها إلى جانب الإذن و التيسير .

4- الغناء – ككل المباحات – يجب أن يقيد بعدم الإسراف فيه ، و بخاصة الغناء العاطفة ليست حباً فقط ، و الحب لا يختص بالمراء وحرها ، و المرأة ليست جسداً و شهوة لا غير ، لهذا يجب أن نقلل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية ، و أن يكون لدينا من أغانينا و برامجنا و حياتنا كلها توزيع عادل ، و موازنة مقسطة بين الدين و الدنيا ، و في الدنيا بين حق الفرد و حقوق المجتمع ، و في الفرد بين عقله و عاطفته ،‌ و في مجال العاطفة بين العواطف الإنسانية كلها من حب و كره و غيره و حماسة و أبوة و أمومة و بنوة و أخوة و صداقة . . . الخ ، فلكل عاطفة حقها .

أما الغلو و الإسراف و المبالغة‌ في إبراز عاطفة خاصة ، فذلك على حساب العواطف الأخرى ، و على حساب عقل الفرد و روحه و إرادته ، و على حساب المجتمع و خصائصه و مقوماته ،‌ و على حساب الدين و مثله و توجيهاته .

إن الدين حرم الغلو و الإسراف في كل شيء حتى في العبادة ، فما بالك بالإسراف في اللهو ،‌ و شغل الوقت به و لو كان مباحاً ؟!

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:40 am

إن هذا دليل على فراغ العقل و القلب من الواجبات الكبيرة ، و الأهداف العظيمة و دليل على إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحدود و عمره القصير ، و ما أصدق و أعمق ما قال ابن المقفع : « ما رأيت إسرافاً إلا و بجانبه حق مضيع » ، و في الحديث :‌ « لا يكون العاقل ظاعناً إلا لثلاث : مرمة لمعاش ،‌ أو تزود لمعاد ،‌أو لذة في غير محرم » ،‌ فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ، و لنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره :‌فيم أفناه ،‌ و عن شبابه : فيم أبلاه ؟

5- و بعد هذا الإيضاح تبقى هناك أشياء يكن كل مستمع فيها فقيه نقسه و مفتيها ،‌ فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزة ،‌ و يغريه بالفتنة ،‌ و يسبح به في شطحات الخيال ،‌ و يطغى فيه الجانب الحيواني على‌ الجانب الروحاني ،‌ فعليه أن يتجنبه حينئذ ‌، و يسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة على قلبه و دينه و خلقه ، فيستريح و يريح .

* * *

الغناء و الطرب في واقع المسلمين :

و من نظر في أحوال المسلمين ، و تأمل في واقعهم المعيش ، لم يجد خصومة بين المسلم المتدين و بين الاستمتاع بطيب السماع .

إن أذن المسلم العادي موصولة ب « طيبات السماع » تلتذ بها ،‌ و تتغذى عليها كل يوم .

من خلال القرآن الكريم الذي تسمعه مرتلاً و مجوداً و مزيناً بأحسن الأصوات ، من أحسن القراء .

و من خلال الأذان ، الذي تطرب لسماعه كل يوم خمس مرات بالصوت الجميل . و هو ميراث من عهد النبوة ، فقد قال النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) للصحابي الذي كشف له عن ألفاظ الأذن في رؤيا صادقة : « علمه بلا لاً ، فإنه أندى منك صوتاً » .

و من خلال الابتهالات الدينة ،‌ التي تنشد بأعذب الألحان ، و أرق الأصوات ، فتطرب لها الأفئدة ، و تهتز لها المشاعر :

و من خلال المدائح النبوية التي توارثها المسلمون منذ سمعوا ذلك النشيد الحلو من بنات الأنصار ، ترحبياً بمقدم الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام :

طبع البدر علينا
من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا
ما دعا الله داع


و أذكر أني منذ نحو عشرين سنة سمعت هذا النشيد من تلميذات مدرسة إسلامية في إندونيسيا ،‌يغنينه بلحن جماعي مؤثر رقيق ، و كنا و فداً من دولة قطر . فرقت له قلوبنا ، و سالت أدمعنا على خدودنا من فرط الرقة و التأثر .

و في الأعصر الماضية المسلمون أن ينشئوا ألواناً من « طيبات السماع ‌» يروحون بها أنفسهم ،‌ و يجملون بها حياتهم ،‌ و خصوصاً في القرى و الريف . و قد أدركنا ذلك في عهد الصبا و مطالع الشباب . و كلها ألوان فطرية نابعة من البيئة ، معبرة عن قيمها ، و لا غبار عليها .

من ذلك : فن المواويل : يتغنّى بها الناس في أنفسهم ، أو يجتمعون على سماعها ، ممن كان حسن الصوت منهم ، و أكثرهم يتحدث عن الحب و الهيام و الوصل و الهجران ، و بعضها يتحدث عن الدنيا و متاعها ، و يشكو من ظلم الناس و الأيام . . . الخ .

و أكثرهم كان يتغنى بها بغير آلة ، و بعضهم مع « الأرغول » ، و من هؤلاء الفنانين الفطريين : من كان يؤلف «‌ الموال » و يلحنه و يغنيه في وقت واحد .

و منها : القصص المنظومة ، التي تتغنى ببطولات بعض الأبطال الشعبيين ، أبطال الكفاح ،‌ أو أبطال الصبر ، يسمعها الناس ،‌ فيطربون بها ، ويرددونها ،‌و يكادون يحفظونها عن ظهر قلب ، مثل قصة « أدهم الشرقاوي » ، و شفيقة و متولي » ، و « أيوب المصري » ، و « سعد اليتيم » ، و غيرها .

و منها : الملاحم الشعبية للأبطال المعروفين ، مثل « أبي زيد الهلالي » ، و التي كان يجتمع لها الناس ، ليسمعوا القصة ، و يستمعوا معها إلى أشعار أبطالها على نغمات « الربابة » من « الشاعر الشعبي » الذي تخصص في هذا اللون ، و كانت هذه الملاحم لها عشاقها و تقوم مقام « المسلسلات » في هذا العصر .

و منها : أغاني الأعياد و الأفراح و المناسبات السارة ، مثل : العرس ، وولادة المولود ، و ختان الصبي ، وقدوم الغائب ، و شفاء المريض ، و عود الحاج . . . و نحوها .

و قد ابتكر الناس أغاني و أهازيج لحنوها ، وغنوها بأنفسهم في أحوال و مناسبات مختلفة ، مثل جني الثمار أو القطن و غيرها .

و مثل : أهازيج العمال و الفعلة ، الذين يعملون في البناء‌ و حمل الأثقال و نحوها ، مثل :‌ « هيلا ، هيلا . . صل على النبي » . . و هذا له أصل شرعي من عمل الصحابة‌ ، و هم يبنون المسجد النبوي و يحملون أحجاره على مناكبهم . و هم ينشدون :

اللهم إن العيش عيش الآخرة
فاغفر للأنصار و المهاجرة




حتى‌ الأمهات ، حين يهدهدن أطفالهن ، و يهيئنهم للنوم ، يستخدمن الغناء ، و لهن كلمات مشهورة ، مثل : « يا رب ينام ، يا رب ينام . . . »‌ .

و لا زلت أذكر « المسحراتية » في شهر رمضان المبارك ،‌ و هم يوقظون الناس بعد منتصف الليل بمنظومات يلذ سماعها منغمة مع دقات طبولهم .

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:40 am

من جميل ما يذكر هنا : ما اخترعه الباعة في الأسواق ،‌ و الباعة‌ المتجولون : من النداء‌ على سلعهم بعبارات منظومة موزونة‌ ، يتنافسون في التغني بها ، مثل بائع العرقسوس ، و باعة الفواكه و الخضروات ، و غيرهم .

و هكذا نجد هذا الفن – فن الغناء – يتخلل الحياة كلها ، دينية‌ و دنيوية ، و يتجاوب الناس معه بتلقائية و فطرية ، و لا يجدون في تعاليم دينهم ما يعوقهم عن ذك . و لم ير علماؤهم في هذه الألوان الشعبية‌ ما يجب أن ينكر . بل أكثر من ذلك تجدها جميعاً ممزوجة بالدين و معاني الإيمان و القيم الروحية و المثل الأخلاقية ، امتزاج الجسم بالروح : من التوحيد ، و ذكر الله ، و الدعاء‌ ، و الصلاة على النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) . . . و ما شابهها ( [73] ) .

و هذا الذي لاحظته في مصر ، و جدت مثله في بلاد الشام ، و في بلاد المغرب ، و غيرها من بلاد العرب .

* * *

لم شدد المتأخرون في أمر الغناء ؟

يلاحظ أن المتأخرين من أهل الفقه أكثر تشديداً‌ في منع الغناء‌ - و خصوصاً مع الآلات – من الفقهاء المتقدمين . و ذلك لأسباب :

الأخذ بالأحوط لا الأيسر :

1- إن المتقدمين كانوا أكثر أخذاً بالأيسر ، و المتأخرين أكثر أخذاً بالأحوط ، و الأحوط يعني : الأثقل و الأشد . و من تتبع الخط البياني للفقه و الفتوى منذ عهد الصحابة فمن بعدهم يجد ذلك واضحاً ، و الأمثلة عليه لا تحصر .

الاغترار بالأحاديث الضعيفة و الموضوعة :

2- إن كثيراً ك الفقهاء المتأخرين أرهبهم سيل الأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، التي امتلأت بها الكتب ، و لم يكونوا من أهل تمحيص الروايات ، و تحقيق الأسانيد ، فراجت لديهم هذه الأحاديث ، و لا سيما مع شيوع القول بأن تعدد الطرق الضعيفة يقوي بعضها بعضاً‌ .

ضغط الواقع الغنائي :

2- ضغط الواقع الغنائي بما يلا بسه من انحراف و تجاوز ، كان له أثره في ترجيح المنع و التحريم . و هذا الواقع له صورتان أثرت كل واحدة منهما على جماعة من الفقهاء .

* * *

غناء المجون و الخلاعة :

الصورة‌ الأولى : صورة « الغناء الماجن » الذي غدا جزءاً لا يتجزأ من حياة الطبقة المترفة ، التي غرقت في الملذات ، و أضاعت الصلوات ، و اتبعت الشهوات ، و اختلط فيها الغناء بملابسة الفجور ، و شرب الخمور ، و قول الزور ، و تلاعب الجواري الحسان المغنيات ( القيان ) بعقول الحضور ، كما شاع ذلك في حقب معروفة في العصر العباسي .

و كان سماع الغناء يقتضي شهود هذه المجالس بما فيها من خلاعة‌ ومجانة و فسوق عن أمر الله .

و من المؤسف أن البيئة الفنية – كما يمونها اليوم – لا زالت مشربة بهذه الروح ، ملوثة بهذا الوباء . و هذا ما يضطر كل عائد إلى الله ، من الفنانين و الفنانات – الذين أكرمهم الله بالهداية و التوبة – أن نسحب من ذلك الوسط ، ويفر بدينه بعيداً‌ عنه .

* * *

غناء الصوفية :

و الصورة الثانية : صورة « الغناء الديني » الذي اتخذه الصفية وسيلة لإثارة الأشواق ، و تحريك القلوب في السير إلى الله ، مثلها يفعل الحداة مع الإبل ، فينشطونها ويستحثون خطاها ، حين تسمع نغم الحداء الموزون بصوت جميل . فتستخف الحمل الثقيل . و تستقصر الطريق الطويل ، و هم يعتبرون ذلك السماع عبادة و قربة إلى الله ، أو – على ‌الأقل – عوناً على العبادة و القربة .

و هذا ما أنكره عليهم أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية ، و تلميذه الإمام ابن القيم ، اللذين شنا على الغناء هجوماً عنيفاً حاداً ، و خصوصاً ابن القيم في « إغاثة‌ اللهفان » الذي شحذ كل أسلحته ، و أجلب بخيله و رجله لتحريم الغناء ، واضح – على غير عادته – بغير الصحيح ، و غير الصريح ، إذ كان نصب عينيه ذاك النوع من الغناء ، و قد رأي فيه هو و شيخه أنه بقرب إلى الله بما لم يشرعه ، و إحداث أمر في الدين لم يكن على عهد النبوة ، و لا عهد الصحابة . و ربما لا بسه بعض البدع ، و لا سيما إذا وقع في المساجد . أنشد ابن القيم مشنعاً‌ :



تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة
لكنه إطراق لاه ساهي !

و أتى الغناء فكالحمير تناهقوا
و الله مار قصوا الأجل الله !

دف و مزمار ، و نغمة شادن
فمتى رأيت عبادة بملاهي ؟


و في بعض فتاوى‌ ابن تيمية ما يجيز الغنائ إذا كان لرفع الحرج و الترويح .

* * *

فقه الإمام الغزالي في الفضية :

و أعتقد أن مواقف الإمام الغزالي من قضية الغناء‌ ، و مناقشته الفقهية العميقة لحجج القائلين بتحريم السماع ، و الجواب عنها بالإجابات الشافية‌ ، و نصرته لأدلة المجيزين ،‌و تحديده للعوارض التي تعرض للسماع المتاح ، فتنقه إلى دائرة الحرمة . . يعتبر من أعدل المواقف المعبرة عن وسطية الشريعة ، و سماحتها ، و صلاحيتها لكل البيئات و الأعصار .

و الحق أن فقه الغزالي في « الإحياء‌‌ » - بصفة عامة – فقه تحرر من قيود المذهبية‌ ، فهو لم يعد شافعياً مقيداً ، بل مجتهداً طليقاً ، ينظر إلى الشريعة من أفق واسع . و قد تجلى هذا في مواضع كثيرة ، تحتاج إلى دراسة‌ خاصة ، تصلح لأطروحة جامعية .
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:43 am

من جميل ما يذكر هنا : ما اخترعه الباعة في الأسواق ،‌ و الباعة‌ المتجولون : من النداء‌ على سلعهم بعبارات منظومة موزونة‌ ، يتنافسون في التغني بها ، مثل بائع العرقسوس ، و باعة الفواكه و الخضروات ، و غيرهم .

و هكذا نجد هذا الفن – فن الغناء – يتخلل الحياة كلها ، دينية‌ و دنيوية ، و يتجاوب الناس معه بتلقائية و فطرية ، و لا يجدون في تعاليم دينهم ما يعوقهم عن ذك . و لم ير علماؤهم في هذه الألوان الشعبية‌ ما يجب أن ينكر . بل أكثر من ذلك تجدها جميعاً ممزوجة بالدين و معاني الإيمان و القيم الروحية و المثل الأخلاقية ، امتزاج الجسم بالروح : من التوحيد ، و ذكر الله ، و الدعاء‌ ، و الصلاة على النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) . . . و ما شابهها ( [73] ) .

و هذا الذي لاحظته في مصر ، و جدت مثله في بلاد الشام ، و في بلاد المغرب ، و غيرها من بلاد العرب .

* * *

لم شدد المتأخرون في أمر الغناء ؟

يلاحظ أن المتأخرين من أهل الفقه أكثر تشديداً‌ في منع الغناء‌ - و خصوصاً مع الآلات – من الفقهاء المتقدمين . و ذلك لأسباب :

الأخذ بالأحوط لا الأيسر :

1- إن المتقدمين كانوا أكثر أخذاً بالأيسر ، و المتأخرين أكثر أخذاً بالأحوط ، و الأحوط يعني : الأثقل و الأشد . و من تتبع الخط البياني للفقه و الفتوى منذ عهد الصحابة فمن بعدهم يجد ذلك واضحاً ، و الأمثلة عليه لا تحصر .

الاغترار بالأحاديث الضعيفة و الموضوعة :

2- إن كثيراً ك الفقهاء المتأخرين أرهبهم سيل الأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، التي امتلأت بها الكتب ، و لم يكونوا من أهل تمحيص الروايات ، و تحقيق الأسانيد ، فراجت لديهم هذه الأحاديث ، و لا سيما مع شيوع القول بأن تعدد الطرق الضعيفة يقوي بعضها بعضاً‌ .

ضغط الواقع الغنائي :

2- ضغط الواقع الغنائي بما يلا بسه من انحراف و تجاوز ، كان له أثره في ترجيح المنع و التحريم . و هذا الواقع له صورتان أثرت كل واحدة منهما على جماعة من الفقهاء .

* * *

غناء المجون و الخلاعة :

الصورة‌ الأولى : صورة « الغناء الماجن » الذي غدا جزءاً لا يتجزأ من حياة الطبقة المترفة ، التي غرقت في الملذات ، و أضاعت الصلوات ، و اتبعت الشهوات ، و اختلط فيها الغناء بملابسة الفجور ، و شرب الخمور ، و قول الزور ، و تلاعب الجواري الحسان المغنيات ( القيان ) بعقول الحضور ، كما شاع ذلك في حقب معروفة في العصر العباسي .

و كان سماع الغناء يقتضي شهود هذه المجالس بما فيها من خلاعة‌ ومجانة و فسوق عن أمر الله .

و من المؤسف أن البيئة الفنية – كما يمونها اليوم – لا زالت مشربة بهذه الروح ، ملوثة بهذا الوباء . و هذا ما يضطر كل عائد إلى الله ، من الفنانين و الفنانات – الذين أكرمهم الله بالهداية و التوبة – أن نسحب من ذلك الوسط ، ويفر بدينه بعيداً‌ عنه .

* * *

غناء الصوفية :

و الصورة الثانية : صورة « الغناء الديني » الذي اتخذه الصفية وسيلة لإثارة الأشواق ، و تحريك القلوب في السير إلى الله ، مثلها يفعل الحداة مع الإبل ، فينشطونها ويستحثون خطاها ، حين تسمع نغم الحداء الموزون بصوت جميل . فتستخف الحمل الثقيل . و تستقصر الطريق الطويل ، و هم يعتبرون ذلك السماع عبادة و قربة إلى الله ، أو – على ‌الأقل – عوناً على العبادة و القربة .

و هذا ما أنكره عليهم أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية ، و تلميذه الإمام ابن القيم ، اللذين شنا على الغناء هجوماً عنيفاً حاداً ، و خصوصاً ابن القيم في « إغاثة‌ اللهفان » الذي شحذ كل أسلحته ، و أجلب بخيله و رجله لتحريم الغناء ، واضح – على غير عادته – بغير الصحيح ، و غير الصريح ، إذ كان نصب عينيه ذاك النوع من الغناء ، و قد رأي فيه هو و شيخه أنه بقرب إلى الله بما لم يشرعه ، و إحداث أمر في الدين لم يكن على عهد النبوة ، و لا عهد الصحابة . و ربما لا بسه بعض البدع ، و لا سيما إذا وقع في المساجد . أنشد ابن القيم مشنعاً‌ :



تلي الكتاب فأطرقوا لا خيفة
لكنه إطراق لاه ساهي !

و أتى الغناء فكالحمير تناهقوا
و الله مار قصوا الأجل الله !

دف و مزمار ، و نغمة شادن
فمتى رأيت عبادة بملاهي ؟


و في بعض فتاوى‌ ابن تيمية ما يجيز الغنائ إذا كان لرفع الحرج و الترويح .

* * *

فقه الإمام الغزالي في الفضية :

و أعتقد أن مواقف الإمام الغزالي من قضية الغناء‌ ، و مناقشته الفقهية العميقة لحجج القائلين بتحريم السماع ، و الجواب عنها بالإجابات الشافية‌ ، و نصرته لأدلة المجيزين ،‌و تحديده للعوارض التي تعرض للسماع المتاح ، فتنقه إلى دائرة الحرمة . . يعتبر من أعدل المواقف المعبرة عن وسطية الشريعة ، و سماحتها ، و صلاحيتها لكل البيئات و الأعصار .

و الحق أن فقه الغزالي في « الإحياء‌‌ » - بصفة عامة – فقه تحرر من قيود المذهبية‌ ، فهو لم يعد شافعياً مقيداً ، بل مجتهداً طليقاً ، ينظر إلى الشريعة من أفق واسع . و قد تجلى هذا في مواضع كثيرة ، تحتاج إلى دراسة‌ خاصة ، تصلح لأطروحة جامعية .
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:44 am

العوارض التي تنقل السماع المباح إلى الحرمة :

ذكر الغزالي عوارض خمسة تجعل السماع المباح محظوراً تتحدد فيما يلي :

1- عارض في المسمع بأن يكون امرأة لا يحل النظر إليها ، و تخشى الفتنة من سماعها . و الحرمة فيه لخوف الفتنة لا لذات الغناء .

و رجح قصر التحريم على مظنة خوف الفتنة . . و أيد ذلك بحديث الجاريتين المغنيتين في بيت عائشة ، إذ يعلم أنه ( صلي الله عليه و آل و سلم ) كان يسمع أصواتهما ، و لم يحترز منه . و لكن لم تكن الفتنة مخوفة عليها ، فلذلك لم يحترز . فإذن يختلف هذا بأحوال المرأة ، و أحوال الرجل في كونه شاباً و شيخاً ، و لا يبعد أن يختلف الأمر في مثل هذا بالأحوال . فإنّا نقول : للشيخ إن يقبل زوجته ، و هو صائم ، و ليس للشاب ذلك .

2- عارض في الآلة بأن تكون من شعار أهل الشرب أو المخنثين ، و هي : المامير و الأوتار و طبل الكوبة . فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة ، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة ، كالدف ، و إن كان فيه الجلاجل ، و كالطبل ، و الشاهين ، و الضرب بالقضيب . . . و سائر الآلات .

3- عارض في نظم الصوت ، و هو الشعر ، فإن كان فيه شيء‌ من الخنا و الفحش و الهجو ، أو ما هو كذب على الله تعالي و على رسوله ، أو على الصحابة و غيرهم ، فسماع ذلك حرام ، بألحان و غير ألحان ، و المستمع شريك للقائل . و كذلك ما فيه و صف امرأة‌ بعينها ، فإنه لا يجوز و صف المرأة بين يدي الرجال . . فأما التشبيب بوصف الخدود و القد و القمة . . و سائر أوصاف النساء ، فالصحيح أنه لا يحرم نظمه و إنشاده ، باحن و بغير لحن ، و على المستمع ألا ينزله على‌ امرأة معينة ، فإن نزله فليننزله على من تحل له ، فإن نزله على أجنبية ، فهو العاصي بالتنزيل ، و إجالة الفكر فيه ، و من هذا و صفه ، فينبغي أن يجتنب السماع رأساً . .

4- عارض في المستمع ، و هو أن تكون الشهوة ‌غالبة ‌عليه ، وكان في غزة الشباب ، و كانت هذه الصفة أغلب عليه من غيرها ، فالسماع حرام عليه ، سواء غلب على قلبه حب شخص معين أم لم يغلب ، فإنه كيفما كان ، فلا يسمع و صف الصدغ و الخد ،‌ و الفراق و الوصال ، إلا و يحرك ذلك شهوته و ينزله على صورة معينة ، ينفخ الشيطان بها في قلبه ، فتشتعل نار الشهوة ، و تمتد بواعث الشر .

5- أن يكون الشخض من عوام الخلق ، و لم يغلب عليه حب الله تعالى ، فيكون السماع له محبوباً ، و لا غلبت عليه شهوة ، فيكون في حقه محظوراً ، و لكنه أبيح في حقه كسائر أنواع اللذات المباحة إلا أنه اتخذه ديدنه و هجيراه ، و قصر عليه اكثر أوقاته فهذا هو السفيه الذي ترد شهادة ، فإن المواظبة علي اللهو جناية ، وكما أن الصغيرة بالإصرار والمداومة تصير كبيرة ، فكذلك بعض المباحات بالمداومة يصير صغيرة . . . و من هذا القبيل : اللعب بالشطرنج ، فإنه مباح ، و لكن المواظبة عليه مكروهة كراهية شديدة . . وما كل مباح يباح كثيرة . بل الخبز مباح ، والاستكثار منه حرام ، كسائر المباحات ([74] ) اه .

ويلاحظ في هذه العوارض التي ذكرها الغزالي : أنه اعتبر الأوتار والمزامير من عوارض التحريم ، بناء علي أن الشرع ورد بالمنع منها .

و قد اجتهد في تعليل هذا المنع ، فأبدع وأجاد في التعليل والتفسير ، إذ قال : أن الشرع لم يمنع منها للذاتها : إذ لو كان للذة لقيس عليها كل يتلذ به الإنسان ، و لكن حرمت الخمور ، واقتضت ضراوة الناس بها المبالغة في الفطام عنها ، حتي انتهي الأمر في الابتداء إلي كسر الدنان ، فحرم معها كل ما هو من شعار أهل الشرب ، و هي الأوتار والمزامير فقط ، وكان تحريمهما من فبل الاتباع ، كما حرمت الخلوة باأجنبية ، لأنها مقدمة الجماع ، وحرم النظر إلي الفخذ ،‌لاتصاله بالسوأتين ، وحرم قليل الخمر ، و إن كان لا يسكر ، و ما من حرام إلا وله حريم يطيف به ، و حكم الحرمة ينسحب علا حريمه ، ليكون حمي للحرام و وقاية له ، وخطاراً مانعاً حوله .

فهي (أي الأوتار والمزامير ) محرمة تبعاً‌ لتحريم الخمر لثلاث علل :

إحدها : أنها تدعو إلى ‌شرب الخمر ، فإن اللذات الحاصلة بها إنما تتم بالخمر . .

الثانية : أنها في حق قريب العهد بشرب الخمر تذكر مجالس الأنس بالشرب . . . و الذكر سبب انبعاث الشوق ، و هو سبب الإقدام . .

الثالثة : الاجتماع عليها ، لما أن صادر من عادة أهل الفسق ، فيمنع من التشبه بهم ؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم . .

و بعد كلام و تحليل جيد ، قال الغزالي : و بهذا نتبين أنه ليست العلة‌ في تحريمها :‌مجرد اللذة الطيبة ،‌ بل القياس تحليل الطيبات كلها ،‌ إلا ما في تحليله فساد . قال الله تعالى : ( قلُ مَنُ حَرَّمَ زِينةَ الّلَهِ الَتِي أَخُرَجَ لِعِبِادَهِ وَالُطَيِبَاتِ مِنُ الرِزُقِ ) ؟ ( [75] ) .

و رحم الله الإمام الغزالي ، فالحقيقة : أنه لم يرد نص صحيح الثبوت صريح الدلالة ، يمنع من هذه الأوتار و المزامير كما ظن ،‌ و لكنه – رضي الله عنه – أخذ الأحاديث المروية‌ في الموضوع قضية مسلمة ، ثم حاول تفسيرها بما ذكرناه ، ولو عرف و هن أسانيد المرويات في هذا الأمر ، ما جشم نفسه عناء هذا التعليل . و هو على كل حال تعليل مفيد لمن لا يسلم بضعف هذه الأحاديث .

* * *

تحذير من التساهل في إطلاق التحريم :

و نختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلى السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة « حرام » و يطلقون لها العنان في فتاواهم إذا أفتوا ، و في بحوثهم إذا كتبوا ، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ، و يعلموا أن هذه الكلمة «حرام » كلمه خطيرة : إنها تعني عقوبة الله على الفعل ، و هذا أمر لا يعرف بالتخمين و لا بموافقة المزاج ، و لا بالأحاديث الضعيفة ، و لا بمجرد النص عليه في كتاب قديم ، إنما يعرف من نص ثابت صريح ، أو إجماع معتبر صحيح ، و إلا فدائرة العفو و الإباحة واسعة ، و لهم في السلف الصالح أسوة حسنة .

قال الإمام مالك رضي الله عنه : ما شيء أشد على من أن أسأل عن مسألة من الحلال و الحرام ؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله ، و لقد أدركت أهل العلم و الفقه ببلدنا ، و إن أحدهم إذا سئل عن كأن الموت أشرف عليه ، و رأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا ، و لو و قفوا على ما يصيرون إليه غداً لقللوا من هذا ، و إن عمر بن الخطاب و علياً و عامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل – و هم خير القرون الدين بعث فيهم النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) – فكانوا يجمعون أصحاب النبي ( صلي الله عليه و آل و سلم ) و يسألون ، ثم حينئذ يفتون فيها ، و أهل زماننا هذا قد صار فخرهم ، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم . . قال : و لم يكن من أمر الناس و لا من مضى من سلفنا الذين يقتدي بهم ، و معمول الإسلام عليهم ، أن يقولوا : هذا حلال و هذا حرام ، و لكن يقول : أنا أكره كذا و أرى كذا ، و أما «حلال » و « حرام » فهذا الافتراء على الله . أما سمعت قول الله تعالى : ( قلُ أَرَءَيُتم مَّا أَنُزلَ الّلَه لَكمُ مِن رِزُقِ فَجَعَلُتمُ مِنُه حَرَامَا وَحَلَالَا قلُ ءَآلله أَذِنَ لَكمُ أَمُ عَلَى الله تَفُتَرونَ (59)) ( [76] ) ؛ لأن الحلال ما حلله الله ،‌ و رسوله ،‌ و الحرام ما حرماه .

ونقل الإمام الشافعي في « الأم » عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة : « أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا : هذا حلال و هذا حرام ، إلا ما كان في كتاب الله عز و جل بيناً‌ بلا تفسير .
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
ملكة الصديقات
ادارة المنتدى
ادارة المنتدى
ملكة الصديقات


انثى
عدد الرسائل : 350
تاريخ التسجيل : 09/01/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 5:45 am

و حدثنا لبن السائب عن الربيع بن خيثم – و كان أفضل التابعين – أنه قال : إياكم أن يقول الرجل : إن الله أحل هذا أو رضيه ، فيقول الله له : لم أحل هذا و لم أرضه ! و يقول : إن الله حرم هذا ، فيقول الله : كذبت ، لم أحرمه و لم أنه عنه !

و حدثنا بعض أصابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه : أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه ، قالوا : هذا مكروه ، و هذا لا بأس به ، فأما أن يقول : هذا حلال و هذا حرام ، فما أعظم هذا » .

* * *




انتهى واتمنى الاستفادة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://girlsfriends4ever.yoo7.com
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 19, 2009 10:53 am

sasa شكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرآأأأ
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالخميس يونيو 25, 2009 1:16 pm

مشكووووووووورة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالخميس يونيو 25, 2009 1:18 pm

ميرسييييييييييييييي ]q]q
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالخميس يونيو 25, 2009 1:21 pm

يلا يا بنات ليش هيك حطو تعليقات الموصوع روووووووووووعة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 26, 2009 4:14 am

شكرا الك يا قمر بس لا تزعلي انا مليت من قرائته لانه طويلللللللللل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 26, 2009 4:17 am

شكرا الك يا قمر بس انا قراته كله لانوالموضوع كبير
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 26, 2009 10:04 am

ميرسيـــــــــــــــ جدا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 26, 2009 10:05 am

يسلمواااااااااااااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
Guest
زائر




الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالجمعة يونيو 26, 2009 10:06 am

hjg
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
رفاق الجنة
نسمة برونزية
نسمة برونزية
رفاق الجنة


انثى
الحمل عدد الرسائل : 181
العمر : 33
العمل/الترفيه : طالبة
المزاج : /
تاريخ التسجيل : 10/08/2009

الاسلالالالام والفن Empty
مُساهمةموضوع: رد: الاسلالالالام والفن   الاسلالالالام والفن Emptyالإثنين أغسطس 10, 2009 5:22 am

الاسلالالالام والفن Www.almsloob.com-0e1b17ff2a
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الاسلالالالام والفن
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 2انتقل الى الصفحة : 1, 2  الصفحة التالية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات احلى صديـــقات :: مجالـــ {احلى صديقات} ـــس ...العامه :: الكتآب الاسلامـــــــــي-
انتقل الى: